هل ان اليهود هم الذين يستفيدون من حاجة المرشح الرئاسي الاميركي اليهم فيعمدون الى انتزاع اكبر قدر من التنازلات قبل الاستحقاق الرئاسي؟
ام ان المرشح الرئيس جورج بوش هو الاكثر قناعة بالمطالب الاسرائيلية واليهودية بحكم انتمائه العميق الى تيار المحافظين الجدد؟
الجواب غير مهم كثيرا طالما ان النتيجة ان القرارات والقوانين تصدر وتصبح سارية المفعول الى الابد.
من هذه القرارات الخطيرة تلك التصريحات التي اطلقها بوش وتحولت الى قانون حول موضوع مكافحة السامية والزام الولايات المتحدة بان تلاحق الدول التي تقرر هي انها مارست ممارسات لاسامية.واذا ما اخذنا بعين الاعتبار ان القانون المتعلق بمكافحة اللاسامية قد ربط تقييم الولايات المتحدة للدول في هذا المجال بموضوع المساعدات، فانه يمكن لنا ان نتصور كيف ستتصرف الاحكومات المعنية وفي مقدمتها الحكومات العربية ازاء اي سلوك يتهمه الاميركيون او الاسرائيليون باللاسامية.
سابقا كان الاتهام باللاسامية يتعلق بسلوك ما ضد اليهود لكن الامر تطور الان بشكل خطير بحيث اصبح السلوك المعادي لدولة اسرائيل او حتى لسياساتها مقحما في تهمة معاداة السامية.كما ان هذا التطور قد وصل الى حظر الكلام عن الصهيونية بلغة الادانة، وهذا ما لا يقتصر على الولايات المتحدة اذ نعاني منه في فرنسا على سبيل المثال، ليس فقط في الاعلام وانما في المؤسسات الاكاديمية والجامعية.
اعود الى القانون الاميركي، لاشير الى انه شكل حالة فاضحة من فرض تدخل دولة عظمى لمعاقبة من تتهمهم دولة اخرى او حتى اتباع دين معين. هذه الحالة اقتضت اعتراض الخارجية الاميركية نفسها التي اعتبرت انه انتهاك للحريات، غير ان الكونغرس اقره والرئيس وقعه. الكونغرس باغلبيته المؤيدة لاسرائيل والخاضع لهيمنة اللوبي اليهودي، والرئيس بتبعيته الكاملة لهؤلاء وحاجته اليهم في المعركة الانتخابية التي تشتد فيها المنافسة يوما بعد يوم.
على ان لا يفهم هذا القول بان بوش انما يقعل ذلك مضطرا. لا انه امر منسجم مع جوهر عقلية المحافظين الجدد، ومع العقلية المسيحية المهودة التي ينتمي اليها الرئيس ومعظم فريقه. وهنا يتوجب التركيز على عبارة المسيحية المهودة وليس على عبارة المسيحية الصهيونية التي شاع استعمالها خطأ في الاعلام العربي. فالمسيحية لا يمكن ان تكون صهيونية لان التناقض بين الاثنتين جوهري حاد. لكن تهويد المسيحية ومسخها على يد المحافظين الجدد الذين اطلقوا على انفسهم لقب »كريشتيان زيونيست« جردها من كل مسيحيتها وجعلها يهودية صهيونية بصيغة اخرى.
بناء على كل ما سبق تكون تصريحات بوش تعبيرا عن التقاء العقلية اليهودية الصهيونية مع العقلية المحافظة الاميركية مع المصالح الاسرائيلية والاميركية، مع المصالح الانتخابية، والمصب كله في النهاية دولة اسرائيل ومشروعها الصهيوني.في غياب اي رد فعل عربي.