الصحافة الفرنسية تصفها بالبوابة الاسيوية. والرئيس شيراك يعلق اهمية كبرى على نتائج زيارته لها.
الفيتنام مستعمرة الامس. وثورته.
ضد الفرنسيين قبل ان تكون ضد الاميركيين. هي اليوم البوابة التي يطمح الرئيس الفرنسي الى فتحها على اسيا ليتمكن من خلال ذلك ان يحقق ثلاثة اهداف رئيسية متتالية: الاول داخلي وهو المساهمة في حل الازمة الداخلية الاقتصادية التي تعاني منها فرنسا. والثاني.
اعطاء دفعة قوة لاوروبا الموحدة. وصولا الى الثالث وهو تحقيق شيء من التوازن مع القوة الاقتصادية الاميركية التي باتت الان عملاقا حقيقيا مع سيطرتها الكاملة على منطقة الشرق الاوسط العربية.
الاوساط السياسية. والاعلامية الفرنسية لا تخفي اطلاقا كون زيارة الرئيس الى اسيا. وهي اطول زيارة يقوم بها الى خارج البلاد منذ توليه الحكم. هي زيارة اقتصادية بالدرجة الاولى.
فمن سنغافورة الى فيتنام. الى الصين الى شنغهاي. يصطحب شيراك معه فريقا من رجال الاعمال والمستثمرين، وباستثناء قضية صفقة الطائرات مع شركة داسو. فان الفريق المرافق يتشكل من اصحاب الاستثمارات الصغيرة والمتوسطة التي يراهن الفرنسيون على ان يرفعوا عددها الحالي في اسيا، والبالغ 3500 شركة استثمارية ، ليتساووا مع الايطاليين والالمان الذين يملك كل منهم 700 مؤسسة.
الجانب السياسي في الزيارة متعلق بالصين اكثر من سواها. وهذه السنة هي سنة فرنسا في الصين. كما كان العام الماضي عام الصين في فرنسا. ففي بكين سيتحدث الرئيس عن حقوق الانسان ولكن بادب وتحفظ. وسيستغل معرفته العميقة بالثقافة الصينية ليكون اكثر قربا من مضيفيه وليعبر عن الخط الديبلوماسي الفرنسي الذي يتميز عن مثيله الاميركي.
بالحرص على احترام التمايز الثقافي. واحترام الاخر والمعرفة العميقة به.
وذاك هو الخط الذي سيتبنونه ايضا في قمة (آسيم) أي القمة الاوروبية الاسيوية.
التي ستكون واحدة من القمم النادرة التي لا يشارك فيها الاميركيون. مما سيعطي فرنسا حرية اكبر في الحركة.
غير ان الفرنسيين لا يخفون ان الامل الرئيسي معلق على القيتنام التي يلقبونها بالبوابة. كما انهم لا يخفون ان احترامهم للاخر لا يمنعهم من تسويق الثقافة والحداثة الفرنسيتين خاصة والاوروبيتين عامة. عبر وسائل متعددة من اهمها. العمل على تشكيل النخب الشابة في البلاد. مما يعني مضاعفة المنح الدراسية ونشر اللغة.
من هنا يتبين للمتابع الاسطول الذي علم التاريخ اوروبا ان اللجوء اليه لا يقل اهمية عن اللجوء الى الاسطول السادس الاميركي. هو اسطول الثقافة واللغة وقبول الاخر واحترامه وصولا الى تحقيق المصالح لديه.
هل نقول ان هذا الاسلوب اكثر دهاء، اطول نفسا وابعد مدى ؟
هل نقول بالتالي انه اكثر خطرا كما يعتبر البعض ؟
الجواب على التساؤل الاول هو نعم دون شك. لكن الاجابة على الثاني تظل موضع نقاش. فطالما ان العلاقات الدولية هي امر محتوم.
وطالما انها تقوم على المصالح المتبادلة قبل أي شيء اخر. فان الرهان يصبح هنا على قدرة كل طرف على تسويق وتحقيق مصالحه الاقتصادية والثقافية والسياسية. ولا يعود للغزو الثقافي من معنى الا في ظل الاستلاب الثقافي. بمعنى انه اذا كان بامكان الدول الاسيوية ان تحصن شبابها بامتلاكهم لثقافتهم الوطنية. باحترامهم لها.
وايمانهم بها، فلا باس عليهم والحال هذه من الانفتاح على ثقافة اخرى. وعلى الافادة من منجزاتها لتطوير بلادهم وحياتهم.ولا خطر عليهم من الوقوع في ضياع الاغتراب والتغريب الذي يحول انتماءهم وولاءهم الى اخر ينبهرون به ويتبنون صيغه ومقولاته دون اقلمة ومحاكمة.
ويحققون، عن علم او عن غير علم مصالحه على حساب مصالحهم الوطنية.
انه درس اخر لنا!!