اكثر من هدف!

صحيفة الدستور، 30-09-2004

بالامس المساجد واليوم الكنائس!

ما علاقة ذلك بالمقاومة؟ وهل يمكن ان يتصور احد ان قيادات المقاومة يمكن ان تخطط لامر من هذا النوع؟

وهل هناك من لا يعتقد بان العراق هو المستهدف بهذا الرعب؟

مستهدف في وحدته، مستهدف في طبيعة تركيبته، مستهدف في مستقبله بل ان الاستهداف.يتجاوز العراق الى المنطقة والى العالم، فمنذ فترة طويلة، طويلة والقوى الغربية الخفية تعمل على تهجير المسيحيين العرب وبشكل خاص مسيحيي العراق،اذكر انني زرت في السبعينات مركزا دينيا في بيروت كان يؤمن التاشيرات للمواطنين السريان والاشوريين والكلدان من كل الدول العربية وبشكل خاص من العراق واذكر انني عرفت صدفة، في اوائل الثمانينات بخطة من قبل بعض الكنائس الاميركية لتامين دخول مندوبين لها الى العراق ليعملوا تحت ستار التبشير على اقناع المسيحيين بالهجرة. وبالرغم من وعي السلطات العراقية في حينها لهذه المخططات فقد تمكنت هذه الجهود من اجتذاب نصف مليون مسيحي عراقي الى المهاجر الغربية.خاصة في فترة الحصار حيث اقامت الكنائس الاميركية الانجيلية جسرا بريا جويا عبر عمان ومنها الى الخارج.ولم يكن باستطاعة احد ان يعترض على ذلك لان الامر كان يتم بارادة هؤلاء المهاجرين، الذين قابلت العديد منهم بحكم مصادفة انني كنت اسكن جارة لمركز من مراكز عبورهم. ولم تكن احاديثي معهم الا لتذكرني بما قراته عن اساليب الوكالة اليهودية في تهجير الروس، من يهود وغير يهود. اساليب تهدف الى قطع صلة المهاجر نهائيا بمكانه الاصلي، عبر بيعه كل شيء قبل خروجه او حصول هذا لخروج بطريقة غير مشروعة، كما تهدف الى ربطه بقروض او عقود او تعهدات لا يمكنه التملص منها لفترة طويلة.

ولم يكن التشابه مع اساليب الوكالة اليهودية مجرد صدفة، فالصهيونية ليست ببعيدة عن هذه الخطة سواء ازاء العراق اوازاء فلسطين. كما اننا لا يمكن ان ننسى دورها في التفجيرات واعمال العنف التي هيات لعملية تهجير يهود العراق قبل عقود.

التهجير، عملية تحقق اكثر من هدف في الخطة الصهيونية – الاميركية: فهو اولا ضربة قاصمة لطبيعة المجتمع العربي المتميز بتعدديته الدينية، وتسامحه التلقائي في هذا المجال مما يشكل النقيض الموضوعي للطبيعة الاحادية العنصرية للمجتمع الاسرائيلي. لذلك فان تجريده من مسيحييه يلغي هذا التميز ويقيم احادية اسلامية في مقابل احادية يهودية، وبذك يمنح الثانية مشروعية وتعادلا.

وهو من جهة ثانية يؤمن تفريغا بشريا بالملايين، لمنطقة لا تخلو دراسة غربية عن الحديث عن خطرها الديموغرافي، خاصة في مواجهة اسرائيل عاجزة ديموغرافيا.

اما من جهة ثالثة فهو يجعل من هؤلاء المهاجرين المنقطعين هدفا سهلا للاجهزة الامنية والسياسية الغربية وللوبيات اليهودية سواء كافراد ام كمجموعات، ويذكر الجميع المظاهرات التي اخرجت فيها الولايات المتحدة الى الشوارع اقباط مصر المهاجرين، عندما احتاجت الى ممارسة ضغط على القاهرة.

واخيرا وليس اخرا، تاتي الاحداث الحالية لتنضم الى مثيلاتها في سياق تغذية منطق صراع الحضارات العزيز على قلب هيتنغتون وعلى قلب الحركة الصهيونية العالمية، المستفيد الوحيد من هذا المنطق.

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون