لا يتكلمون العربية!!

صحيفة الدستور، 14-08-2004

قمة التراجيكوميديا، ان يصرح وزير الدفاع العراقي بان من بين العناصر التي تقاتل مع جيش المهدي، من لا يتكلمون العربية وينتمون الى قوميات اخرى.

لكأن الناطق الرسمي باسم الاحتلال الاميركي هو ابو الطيب المتنبي!….. اوكان نيغروبونتي هو ابن ساطع الحصري او قسطنطين زريق!

لكانه يكفي استبدال كلمة لينشد الوزير في حضرة سيف الدولة:

هل النجف الحمراء تعرف لونها…………………. ……………….. وتعرف أي الساقيين الغمائم

أي خزي ان تفتقر ثغورنا الى سيف الدولة! الى يوسف العظمة!

ان يتامر الجميع على سلطان الاطرش، على سعيد العاص، على عز الدين القسام، على زنوبيا وفخر الدين!

أي خزي ان تصبح المقاومة خروجا على القانون، وان يصبح ذبح العراقيين بالمئات، دفاعا عن العراق !!

ببساطة مطلقة، الذي يحمل لقب المقاوم هو الذي يقاوم الاحتلال، أي احتلال، منذ بداية التاريخ وعلى امتداد الجغرافيا. والذي يحمل لقب وزير الدفاع هو ذلك المكلف بحماية سيادة الوطن واستقلاله وحريته.

لكن انقلاب المفاهيم، واختلاط المصطلحات، يجعل ممن يسمى وزير دفاع، وزير داخلية بل وامر شرطة لتركيز الاحتلال، وسحق اية محاولة لزحزحته.

لكنه منطق الامور، وطبيعة الصراع الذي لا يمكن الا وان يفرزه الاحتلال منذ لحظته الاولى، بحيث يصبح دفاع المتعاونين معه دفاعا عن الذات، والا كان قدرهم قدر انطوان لحد في جنوب لبنان. وقبله قدر الحركي في الجزائر وبينهما قدر الفيتنامييين الجنوبيين الذين تعاونوا مع الاميركيين.

وفي اجواء رعب هذا القدر الماثل يصبح المحلي اكثر بطشا وقسوة من الاجنبي، ولا يرعوي عن اللجوء لاي منطق مهما كان سورياليا، ومضحكا مبكيا.

خارجون عن القانون ! أي قانون؟ قانون الاحتلال ؟ ام قانون من عينهم؟ وهل هناك قانون في العالم يقول بان على الشعوب ان تقبل الاحتلال دون مقاومة؟ وهل عرفت الشرائع يوماً مشروعية مستمدة من غاصب محتل؟

أي شعب هو الذي فوض هذا الوزير الدفاع عنه؟ من الذي انتخب الرئيس الذي كلفه؟

تساؤل يقودنا الى مسالة جوهرية في اساس تخلفنا السياسي ودمارنا، وهي ان انظمتنا، لاتشعر بانها تستند الى مشروعية شعبية، بل وتعرف ان الناس لا يريدونها، لذلك فهي تبحث عن سند يضمن لها البقاء، وهذا السند يتمثل في امرين: قوة اجنبية عظمى، و السيطرة على اموال الشعب لحسابها الخاص: وهكذا يحل الامان الاجنبي والامان المالي، اذا صح التعبير، محل الامان الشعبي، ويصبح الشعب مصدر تهديد بدلا من ان يكون مصدر قوة، وموضع سحق واستعباد بدلا من ان يكون موضع اعزاز واسترضاء.

في الحالة العراقية يتفاقم هذا الوضع اكثر، اذ تضاف اليه جريمة الاحتلال، والمجرم الملاحق هو اكثر الناس قدرة على الايذاء. وقليلا ما يهمه المنطق المقبول فيما يقول.

واضح ان المقصود بهؤلاء »الذين لا يتكلمون العربية« الايرانيون بالدرجة الاولى، ولكن هل يتقن وزير الدفاع الانكليزية والعبرية ليتفاهم مع المحتل؟

بل والاهم هو السؤال : هل يتقن العربية ليقرأ التاريخ؟

ليقرأ صفحة واحدة عن يوسف العظمة؟

صحيح ان لا وجه شبه بينهما بل هي معادلة النقيض، لكن ثمة اوجه شبه كثيرة بين مقتدى الصدر الجريح، وكثيرين من مثل سلطان الاطرش او سعيد العاص او عز الدين القسام او حسن نصرالله!!

وجوه شبه لا يستطيع تبينها الا من استطاع تجاوز المعادلات الطائفية الضيقة، ومعادلات اليأس التاريخي المدمرة.

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون