من بعيد!

صحيفة الدستور، 13-07-2004

من بعيد بدأ قرار محكمة لاهاي انجازا لا يقل عن نتائج مؤتمر دوربان قبل اربع سنوات، وكانت ردة الفعل الحذرة الاولى هي التخوف من تحركات دولية للوبي اليهودي العالمي للالتفاف على هذا القرار التاريخي الذي لم يضع اسرائيل وحدها امام الجدار، بل ويضع السياسة الاميركية المتصهينة امام الجدار ايضا.

لكن قبل ان يتوجه الدبلوماسيون العرب الى نيويورك للمشاركة في جلسة المنظمة الدولية حول قرار لاهاي ، كان الالتفاف على القرار يأتي من فلسطين نفسها، وكان التفجر الحاصل في غزة يغطي على كل خبر آخر يخص فلسطين في الاعلام والسياسية الدوليين.

فما الذي سيستطيع ان يقوله غدا مندوب فلسطين او وزير خارجية مصر او امين عام الجامعة العربية في الامم المتحدة في مواجهة المندوب الاسرائيلي والاميركي؟

اي غلاف من صحفنا سيستطيع ان يشهره في وجه غلافي »هاآرتس« و»معاريف« اللتين صدرتا هذا الصباح بمانشيت واحد: »الفوضى«. كلمة واحدة وتلخص كل ما تريده اسرائيل، كلمة واحدة تتحول الى جرافة تفتح الطريق امام الخطاب والخطة الاسرائيليين.

الفساد، موجود وقاتل، الاحتقان الشعبي موجود وقاتل ، الاسماء التي تدور حولها الشبهات معروفة في كل صف، التغيير مطلوب وبحدة ، ولكن لماذا الان؟ الم تكن الامور تتحمل الانتظار اسبوعا، الى ان تمر المعركة في المنظمة الدولية؟

ثم لماذا جاء خطف الفرنسيين، وكان من ورائه لايكتفون بتحريك الوضع داخليا وانما يريدون تحريك موضوع له بعده الدولي ، كي يحوّل الساحة الدولية ايضا عن مناقشة تبعات لاهاي؟

من المسؤول؟ ومن ليس مسؤولا عن كل هذا التخبط المميت؟

مؤامرة ؟ ومن الذي يخرج عن دائرة الاتهام فيها ، اتهام تتساوى فيه سوء النية بسوء التصرف طالما ان النتيجة واحدة ، ويظل موضوعه وضحاياه هؤلاء الناس ، الناس المضحون المساكين الذين ان سكتوا كانوا ضد انفسهم وان نزلوا الى الشارع كانوا ضد انفسهم ، لكن لديهم من الكبت والقهر والمعاناة والالام ما يجعل وعيهم كبيرا، ولكن ردات فعلهم غير المحسوبة كبيرة ايضا.

فمن الذي سيتقدم ليؤطر زحفهم ، ليبرمج تحركهم، وليفعل باخلاص لا عبر قناع الحرص على مصالحهم، ومقاومة الفساد ، قناعا يخفي تحته ارتباطاته الاسرائيلية والاميركية .؟

الفلسطينيون لايعدمون رجالا كبارا وحكماء ، يتمتعون بالاخلاص والنزاهة والوزن المعنوي ، فأين هم ؟ ولماذا يحيدون عن ساحة تترك لصراع الاربعين حرامي ، او لقتال ديكة النفوذ الامني؟

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون