عميل القاعدة

صحيفة الدستور، 13-06-2004

»بوش افضل عميل للقاعدة« هكذا يقول ريتشارد كلارك رئيس فريق مكافحة الارهاب في حكومة بيل كلينتون.

وفي كتاب صدر له مؤخرا عن دار البان ميشال في باريس بعنوان »ضد كل الاعداء« يقول كلارك ان بيل كلينتون اصدر اوامره الى السي اي ايه بالتخلص من اسامة بن لادن وقياداته، غير ان الوكالة كانت عاجزة عن ذلك بسبب خلل بنيتها الداخلية وعدم تاقلمها مع اساليب الارهاب الشرق اوسطي- بحسب تعبيره – حيث ان هذه البنية كانت مركبة وفق التعامل مع ارهاب الدول او تقويض الدول، بينما يقتضي الامر الان مواجهة افراد وتنظيمات، جديدة ايضا في اساليب تنظيمها، مما يحتاج الى خمس سنوات من اعادة التنظيم بحسب تقديرات جورج تينيت مدير الوكالة المستقيل حديثا.

اما بوش فانه وبسياساته الخاطئة قد اعطى دعما للقاعدة فزاد عدد الملتحقين بها وزادت خلاياها التي تعمل بشكل مستقل ومنتشر وزادت عملياتها، واذا كانت الادارة الحالية قد حاولت ان توحي مؤخرا بان نسبة العمليات الارهابية قد انخفضت ولذلك فان كولن باول لم يستطع الا وان يعود الى تكذيب التقرير المعني، معترفا بان العكس هو الصحيح.

الهذا يقول كلارك ان بوش افضل عميل للقاعدة؟

بل وانه يقول ان من مصلحة القاعدة ايضا اعادة انتخاب جورج بوش ولذلك ليس من المستبعد ان نفاجأ قبل الانتخابات الرئاسية بعملية على الارض الاميركية تعيد رص الناخبين وراء الرئيس الفاقد لشعبيته الان.

هل يقصد كلارك بتحليلاته هذه، وهي تحليلات خبير يستند الى كم كبير من المعلومات، ان هناك رابطا ما بين القاعدة، او اطراف فيها وجورج بوش وادارته؟

ام يقصد ان التحالف تلقائي وغير مقصود بمعنى ان التطرف يغذي التطرف وان تكن لكل منهما اجندته الخاصة؟

الاجندة هذه، يقول كلارك انها ما ورثه جورج بوش لا ما وضعه بعد 11 ايلول، ورثها محددة بثلاثة عناوين: القاعدة، اسرائيل، والتهديد النووي.

عناوين اذا ما حاولنا نحن ترجمتها الى الواقع لوجدناها لاول وهلة، تتلخص باثنين، فالقاعدة تعني افغانستان اما اسرائيل والتهديد النووي فتعنيان العراق، غير ان كلارك لا يقصر في توضيح الصورة اكثر اذ يقول لاحدى الصحف معلقا على كتابه: »لقد تصرف بوش بقناعة ذات شقين: »الاول انه بامكانه ان يغير خريطة الشرق الاوسط، وان يقيم فيه ديمقراطية على الطريقة الاميركية، ولذلك عليه ان يتخلص من صدام حسين وان يحتل العراق حتى ولو اضطر الى التحرك وحده، وان يقيم في هذا البلد حكومة تابعة للولايات المتحدة تضمن مصدرا اكيدا للنفط ايا يكن وضع العربية السعودية….هذه المقاربة تأتي مترافقة مع جهل بوش المطبق بالمنطقة العربية، وحقده الشخصي على صدام حسين، وتأثره بمساعديه الذين ارادوا الحرب باصرار«.

ويضيف كلارك: »على عكس كلينتون الذي كان يقرأ كل شيء ويتأكد من كل التقارير قبل ان يقرر، فان بوش يتخذ قرارته بناء على اراء مستشاريه فقط« ومن الذي اقنعه بحرب العراق؟

»وولفويتش الرجل الثاني في البنتاغون، والذي يتمتع بتأثير كبير على الرئيس، ثم ديك تشيني، الذي اقنعه بان لصدام حسين دورا في عمليات 11 ايلول، ريتشارد بيرل وكونداليزا رايس«.

هذا الترتيب الذي ينظم وفقه كلارك قائمة دعاة الحرب، ان هو الا ترجمة بسيطة، مرة اخرى لكلمتي: اسرائيل والنفط، فوولفوويتش هو اليهودي الصهيوني الاسرائيلي الجنسية، والمعروف بقربه من نتنياهو، وبلقب »صاحب هاجس العراق« ومثله ريتشارد بيرل، في حين ان تشيني ورايس رمزان من رموز لوبي النفط الذي تتربع اسرة بوش على رأسه. وبذلك يكون ان الذي اتخذ قرار الحرب وسوقه في عقل صاحب القرار هي اسرائيل وبشكل مباشر واضح، ومعها الحليف الراسمالي النفطي، مما يعني ان هذه القسمة ستستمر على الساحة العراقية، وفي مجال عمل الحكومة التي قال كلارك بالحرف ان دورها هو دور ناطور النفط للاميركيين، اذ سيكون دورها السياسي هو دور ناطور المخطط الاسرائلي للعراق وللمنطقة.

سؤال اخر كبير يثيره مضمون هذا الكتاب : الا يقودنا تحليل كلارك للوضع الى قراءة خاصة لما يجري على الساحة السعودية؟

وبتحديد اكبر: عندما يقال ان الهدف كان تأمين النفط العراقي تحسبا لاي موقف ممكن من قبل السعودية، وعندما نقول ان الهدف الاخر الاساسي هو اسرائيل، افلا يصبح من المنطقي القول بان استهداف السعودية الان، من الحملات الاعلامية، الى العمليات الارهابية، الى محاولة اغتيال الامير عبد الله، ان هو الا استهداف للسلطة المسيطرة على النفط السعودي، ولشخص وتيار الامير عبد الله نفسه الذي كتبت عنه احدى الصحف الاميركية مرة: انه يحب الخيول العربية كثيرا !!! (ومع ثلاث علامات تعجب).

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون