حرب الصور!

صحيفة الدستور، 13-06-2004

في العلوم السياسية كما في علم الاعلام، تبنى التحليلات والتحديدات على اسئلة : ممن ولمن؟ وباية وسيلة؟ ولمصلحة من؟ بعبارة اخرى : من الذي يفعل ماذا؟ ولمصلحة من؟

اسئلة اذا ما حاولنا ان نوظفها لقراءة العمليات التي تنسب الى تنظيم القاعدة في المنطقة، لخرجنا باجابات خطيرة قد تقودنا الى اسئلة اخرى.

من؟ – القاعدة.

ومن هي القاعدة؟ من هم الاشخاص او المجموعات الذين يتمكنون من ان يطلقوا على انفسهم هذه التسمية، دون ان يكون لاحد امكانية تكذيبهم او انكارهم؟

واذا كان قد بات من المعروف ان هذا المسمى لا ينطبق على تنظيم ذي قيادة مركزية معروفة وموحدة كما كان الامر مع جميع المنظمات العالمية الاخرى، افلا يصبح من الممكن ان يدعي كثيرون انتماءهم لهذا التيار؟ بالتالي افلا تكون انتماءات البعض من هؤلاء »الكثيرين« وارتباطاتهم السياسية والاستخباراتية ( بما فيها ارتباطات مع الاجهزة الاميركية والاسرائيلية) موضع تشكك وتساؤل ؟

تساؤل لا يظل طويلا بدون اجابة اذا ما وصلنا الى السؤال الاخير : لمصلحة من ؟

منذ 11 ايلول، والولايات المتحدة الاميركية تعمل على تنفيذ استراتجياتها الموضوعة والمقررة قبله بكثير، وكلما وجدنا تلك الاستراتيجيات بحاجة الى تبرير، فوجئنا ببيان او عملية او نبأ يقدم باسم القاعدة هذا التبرير.

هل الامر مجرد صدفة؟

وهل كونه لا ينطبق على جميع العمليات، يلغي التساؤل حول بعضها؟

اخر المأزق الاميركية واصعبها، كان مأزق فضيحة تعذيب الاسرى، لتأتي صور ذبح الاميركيين في العراق والسعودية فتخفف من هول المشهد على الساحتين الاميركية والاوروبية، واذا الطرفان متساويان في الوحشية، واذا السؤال: كيف تريدون ان يعامل هؤلاء المتوحشون؟ يصبح سؤالا مشروعا ودليلا بينا على صحة المنطق الذي يقول بانه لا يمكن معاملة الارهابيين الا باساليب قاسية تتناسب مع طبيعتهم. اما من هم الارهابيون ؟ وهل العرب جميعا ملثمون يذبحون البشر بدم بارد؟ وهل الاسرى العراقيون مقاومون مناضلون ضد احتلال بلادهم، او مساكين معتقلون لا تنطبق عليهم صفة الارهاب، فذاك تمييز وخطاب ينزاح الى دائرة التجاهل.

ومن هنا السؤال: اعتقل الاميركي، سواء كان عميلا للاجهزة ام مهندسا يعمل في السلاح الذي يقتل الناس، وقتل…. حسنا. لكن لماذا الذبح بهذه الطريقة غير الانسانية؟ والاهم من ذلك بكثير: لماذا الصور؟ ولماذا اخراج الصور بالطريقة المرعبة التي شهدناها؟

كثيرون من خبراء الاعلام والسياسة وصفوا الحرب الاميركية الاخيرة بانها حرب الصور، حرب المخرج الهوليوودي الذي درس بدقة ماذا يجب ان يصور وما الذي يجب اخفاؤه، ومن تجرأ على تجاوز ذلك من المصورين الصحفيين، قتل. لتأتي صور سجن ابو غريب، فتفلت من هذه المعزوفة المضبوطة، نتيجة تصفية حسابات بين مراكز القوى في الادارة الاميركية، ونتيجة حسابات انتخابية. واذا بهذه الصور فضيحة الفيلم الذي انتج بعناية منذ بدء الحرب، وفضيحة الولايات المتحدة الاميركية نفسها.

فلماذا تلتها على الفور صور الذبح المرعبة من العراق الى السعودية، لترسم معادلا موضوعيا يمتص ويخفف الفضيحة والنقمة؟

هذا عدا المسألة الجوهرية الاخرى، وهي اسباب التركيز على السعودية نفسها في هذه الفترة، وهو ما يستحق تناولا اخر في الغد.

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون