سوق النخاسة مفتوح في دبي، والعنوان مؤلم حد الضحك: مؤتمر حول العراق !
المؤتمر الذي دعي اليه الخليجيون والعرب وغيرهم، لن يناقش ابدا احتلال العراق، لا ولا المقاومة، ولا نقل السلطة، لن يكون فيه مجال اطلاقا لكلمات من مثل الحرية الوطنية والفردية او الاستقلال او الكرامة او الحقوق، او ما شابه ذلك من هذه الالفاظ الشعرية الرومانسية التي لم يعد لها مجال في قاموس المستثمرين ورجال الاعمال.
هؤلاء الذين يشكلون هرما دوليا من الذين يقفون على رأسه الرئيس الاميركي ونائبه.
هؤلاء الذين من اجلهم، قامت الحرب ضد العراق واحتلاله، ولا يشاركهم في المكسب الا اسرائيل وارييل شارون.
المؤتمر المنعقد في دبي، تحت اسم مؤتمر حول العراق، ان هو الا عملية تلزيم ستطرحها الشركات الاميركية التي التزمت مشاريع العراق على الشركات العربية كي تنفذها على طريقة عقود الباطن.
الانباء قالت لنا ان العقود التي ستطرح على اهل الباطن ستبلغ حوالي ستة مليارات دولار، ولكن هذه الانباء لم تقل ما هي قيمة لعقود التي اخذتها الشركات الاميركية.
غير ان مقارنة بسيطة بما عرف سابقا حول عقد واحد اخذته شركة هاليبرتون، وقعته الشركة الاميركية بقيمة كذا مليار ووصل في عملية تلزيمه عبر عقود الباطن الى بضعة ملايين، يساعدنا على تخيل قيمة المبالغ التي اخذت بها الشركات الاميركية هذه العقود التي ستلزمها بستة مليارات، ويضعنا بالتالي امام ذهول عملية النهب الرهيبة التي تمتص دم العراق.
لكن المؤلم اكثر ان هذا الامتصاص سيتم بايد عربية، ستكون سعيدة شاكرة لان السيد رمى اليها بشيء من الفتات.
الشركات الاميركية ابرمت عقودها، مع المحتل الاميركي، ضمنت تدفق المال العراقي الى صناديقها، وها هي تلتئم في بلد عربي لتدلل على العرب للعرب !
سبيت الحرة وها هي تعرض في سوق النخاسة على اهلها ليشتروها !
ليس فقط لان هذا التلزيم يعفي الشركات الاميركية من عبء التنفيذ، والبحث عن ايد عاملة، ومن مصاعب هذا التنفيذ سواء على الصعيد المهني ام الامني وهذا هو الاهم، بل لانه يعمق عملية الاستعباد والتخلف والامتهان، اذ يتحول الناس الى عبيد لدى العبد الاكبر الذي يعمل في خدمة السيد
الم يكن هذا دائما في صلب الخطة الصهيونية الاميركية للمنطقة؟ تحويل العرب الى ايد عاملة رخيصة وممتهنة، وسلب ثرواتهم وموادهم الاولية بواسطة الوسطاء المحليين العاملين لصالح المركز المستعمر
الا يتفاقم تعقيد هذا الوضع في الحالة العراقية حيث سيصبح من واجب المقاومة ان تتعرض لهذا النهب، لكن تعرضها له سيجعل العمال العرب هم الضحايا، ولا نقول الشركات العربية لانها قد تستحق العقاب.
سيسرق العرب بعضهم بعضا، ويقتلون بعضهم بعضا، بينما الرأسمالي الاميركي يدخن سيجاره على كأس ويسكي ويراقب على شاشة الحاسوب ارتفاع الرسم البياني لحجم واردات رأسماله من مال العراق.
الا يقدم هذا تفسيرا لما كشفته الواشنطن بوست مؤخرا عن حيثيات التحضير للحرب ضد العراق، والصراع الذي كان دائرا بين خط تشيني وكولن باول لدرجة ا
انهما لم يكونا يتبادلان الكلام، وان باول كان يتهم تشيني بتشكيل حكومة ظل موازية – وفق تعبيره – تدفع نحو الحرب؟
الا يقدم تشكل هذا المحور من تشيني الرأسمالي وولفويتش الصهيوني رمزا كاملا لطبيعة قرار الحرب؟