الحمد للرب!

صحيفة الدستور، 12-04-2004

المهم ان الرئيس الاميركي طمأننا في مؤتمره الصحفي امس الى ان عائدات تصدير النفط افضل مما كان يتوقع قبل دخوله العراق، حيث كان يخشى من تدمير الحقول.

هكذا قال الرئيس الذي حمل الحرية الى العراقيين. ولا شك انه اضاف في سره ان انسجاما مع تدينه المغرق : (الحمد للرب) وليس (الحمد لله) لان الرب الذي يؤمن به هذا الرجل المتصهين هو رب الجند ورب الحقد ورب خاص لا يشبه الله الذي يقدم نفسه ضحية ليخلص البشر وليعلمهم المحبة، ولا الله الرحمن الرحيم، الذي لا يفضل انسانا على اخر في بنوته.

المهم ان الرئيس هولاكو لم يقل لنا اين تذهب عائدات النفط الجيدة هذه، الى جيب شركاته ام الى شركائه في ادارته وفي اسرائيل، ام الى الشركات العملاقة التي يمتلكها هؤلاء.

ام، وجزء لا بد منه هنا الى جيوب المتعاونين من العراقيين الذين باعوا انفسهم له.

ماذا فعل (مجلس بريمر) بعائدات النفط هذه؟

فيما عدا المليارات الاربعة التي سمعنا عن اختفائها في الاشهر الاولى للاحتلال، ثمة مليارات احرى كثيرة، ربما تكون الصفقة قد ابرمت مع المحتل وفق تكتيك معروف : (اخذتم المليارات العشرة، وها نحن فضحناكم، فاما ان تسكتوا عما تبقى وتنصاعوا سياسيا بالكامل، واما نتابع الفضيحة) تكتيك لا يقدم جديدا فهو اغنية مكررة مثبتة الفائدة مع كل الفاسدين المفسدين.

غير ان الرئيس بوش قلق، قلق على الحرية في العراق، ولذلك يعرب عن استعداده لارسال مزيد من الجند الى هناك، والحرية في العراق انما تعني له حرية الاستمرار في التمكن من نهب النفط ومن تهويد البلاد، ولذلك فلا بأس ان يموت كل العراقيين وكل الاميركيين حتى في سبيل الحفاظ عليها,

بهذا المفهوم لا تناقض بين الحرية في العراق وبين القمع الوحشي لاهل الفلوجة وبين اعتقال وتعذيب واذلال عشرات الاف العراقيين ولا تناقض مع فرض حكومة معينة من قبل المحتل على رؤوس العباد، ولا تناقض مع اعلان وقح عن قرار قتل زعيم وطني يمثل ذ عدا عمن يسرون وراءه ذ روح المقاومة والكرامة الوطنيتين.

واما نقل السلطة الى العراقيين، فيبدو بحد ذاته مصطلحا اخر مهزلة، اذ يترافق اعلان بوش عن اصراره عليه باعلانه عن اصراره على ارسال قوات جديدة والبقاء هناك ” طالما كان وجودنا ضروريا “,

.

اية سلطة اذن هذه التي ستنقل؟

سلطة الشرطي في تنفيذ اوامر الضابط الذي ينفذ اوامر سيده؟

سلطة المشاركة في قتل العراقيين الاخرين الذين يحلمون بسلطة حقيقية؟

ام سلطة حراس ابار النفط على محيط ابارهم، لقاء اجر تافه يحصلون عليه؟

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون