هل كان من قبيل الصدفة ان تأتي اول ردات الفعل على تفجيرات العراق من لبنان، وبدءا من العلامة محمد حسين فضل لله انتقالا الى السيد حسن نصرالله، ومن ثم الحريري، لتأتي كلها صوتا واحدا يصرخ باعلى ما عنده : حذار ! حذار !؟
الصرخة تجاوزت التحذير من الانجرار الى حرب اهلية يعرف اللبنانيون اكثر من أي شعب في العالم مرارة طعمها في الخلق الغاص بالدم، وهل نسي احد تلك الاشلاء المتطايرة الموزعة على الجدران، ورعب السيارات المفخخة ؟ تجاوزت الى اتهام الاميركيين واسرائيل بشكل واضح بالقول انهما المستفيد الوحيد من التفجير الذي يخطط له، وتوقع الشيخ فضل الله ان يصار الى عمليات اخرى من اغتيالات وتفجيرات وغيرها.
المرجع الشيعي علي السيستاني كان ايضا على ذات الدرجة من اليقظة والحرص على التنبيه، ولكن ذلك كله لا يمنع السؤال الخطير: متى سيستطيع العقلاء ان يكبحوا اندلاع النار؟
وهل ستظل الرسالة الموجهة الى العراقيين اشبه بالقول : اما ان تقتتلوا واما ان نقتلكم عقابا على رفضكم المجزرة.
ثم الا تأتي عبارة الشيخ فضل الله، من ان المستفيدين هم الاميركيون والذين يدورون في فلكهم ويتعاونون معهم من العراقيين، اتهاما مبطنا لبعض الجهات المعروفة؟
مما يجعلنا نبتسم بالم وغضب ومرارة من الذين استعملوا في مجلس الحكم العراقي، قبل ايام قليلة عبارة اللبننة، ليقترحوا للعراق »الجديد« نظاما طائفيا على النمط اللبناني . اهذه هي اللبننة التي يريدونها للعراقيين؟
وهل للبننة في القاموس السياسي الدولي المتعارف عليه، الا هذا المعنى؟
هذا من جهة، ومن حهة اخرى ثمة امر اخر يقفز من دائرة التحليل والقياس (الم يكن علم القياس من اول العلوم الاسلامية؟ الم يعتمد حتى لفرز الاحاديث المنسوبة الى الرسول، وتحقيقها؟)
الامر الاخر المقصود يتناول تفصيل العمليات:
عمليات انتحارية، اذن لا يمكن التشكيك بقناعة وايمان منفذيها بما يفعلون .
عمليات تصب في صالح اميركا واسرائيل، وذلك ما لا يمكن ان يكون هدف هؤلاء المنفذين بل العكس تماما .
عمليات تتهم بها القاعدة او اشخاص معينون في تنظيمها.
هؤلاء الاشخاص متخفون مما لا يسمح لنا اطلاقا بالتحقق من حقيقة وقوفهم هم بالذات وراءها. وكل ما يعلن لنا رسائل لا وسيلة للتحقق من مصدرها.
الا يذكرنا كل هذا السيناريو ب 11 ايلول؟
الا يوصلنا القياس الى المنفذين من جهة والمخططين من جهة اخرى، الى المسافة الكبيرة التي تفصلهما؟ وهل اسهل من استثارة العواطف لدى شباب متحمسين حد العمى، يعتقدون ان ما يفعلونه منسجم مع ما يؤمنون به؟
ويظل السؤال الكبير، الخطير : كيف؟ كيف يمكن الوصول الى الوقاية؟