لا يقترن اسمه في ذهني بشخصه فقط ، فكذا حال الاصدقاء الذين يؤسس لصداقتك معهم لقاء على مشروع عام.
عرفته عام ،1982 ونحن نلتقي بحماس على مشروع مجلة الأفق، لكن عام 82 هو شيء اكبر من رقم ومن تاريخ عام في ذاكرة زمننا، انه انفتاح الجرح الكبير الذي ادى الى الخروج الكبير.
كان شارون يتقدم بدباباته الى حرم بيروت ، وكان المقاومون يذوبون منصهرين على اسوار قلعة الشقيف، وكنا نحن في الاعلام العربي ممنوعين من الصراخ، لنا ان نتفجر، كل في مكتبه، او داخل جدراننا ولكن ليس لنا ان نسمع صرختنا على الورق ونشرك فيها الناس، اصررنا نحن في الافق على التحدي ومن الغلاف، فكلفنا ذلك اغلاق المجلة. وكان مريود التل العناد الذي غذى ذلك الاصرار.
غريب انني انتبه الان الى انني عندما اقول نحن اتحدث عن كثيرين ، تفرقت بهم السبل بشكل غرائبي غرائبي…. منهم من سبق مريود الى التراب كمؤنس الرزاز ، ومنهم من بقي هو هو ، مع قلمه والى جانب مريود توأمه واعني طارق مصاروة ( امد الله بعمره ) ومنهم من اخذته الهجرة، ومنهم من انتقل من المعارضة الى الحكم ..
عشر سنوات اخرى، لم ينقطع فيها الاتصال بيننا، وعادت الافق ، بل عدنا اليها، ومعنا حلم بعمل اعلامي يخرج عن المواءمة، وعن التطابق، عن المسايرة والانصياع، عن التشابه… يسعى الى مشاكسة لا تنبع ابدا من مجرد الرغبة في المشاكسة … وللمرة الثانية انتهت التجربة ، لكن علاقتنا لم تنته.
ظل ما يوحدها هو قلق حقيقي على الوطن، الوطن الذي يعني الاردن ويعني الامة الاكبر من الاردن، دون تعارض ودون نفي. وهو جرأة حقيقية في قول ما يداري الكثيرون ان يقولوه، وهو احساس ابناء الاسر الكبرى بمسؤولية ما ازاء الجميع، وبصلابة خاصة تنبع منها، وهو كون مريود كان مسكونا بوصفي، سواء ادرك ذلك ام مارسه بعفوية وهو اخيرا قدرته على ان يتبنى موقفا او رأيا دون ان يأخذ كثيرا في حسابه خوف ردات الفعل.
كان واحدا من القلة الذين يجسدون بديهية باتت وللأسف تحتاج للتذكير في كل قطر عربي وهي انه بامكانك ان تحب بلدك الصغير دون ان تتخلى عن امتك، وان تحب الامة دون ان تتنكرله.
اذكره في ندوة مؤسسة شومان في مئوية والده ، عندما تمسك احدهم ببيت شعر لعرار: »قالوا تدمشق …« ليلتقط منه جملة »ما يزال اربدي اللون حوراني« ويجعل منها مدخلا للون اقليمي اراد صبغ الشاعر به لينسجم ولونه هو ذ اذكره كيف تدخل ليروي الحادثة التي صدر عنها البيت المعني، والتي تجعل لكلمة تدمشق في اللهجة الشعبية المعنى الذي يعرفه الجميع في بلاد الشام وهو: لبس الحرير الدمشقي، وتزيا بازياء المدن المرفهة، وذاك ما قابله الشاعر بنسبة: حوراني. التي تؤشر الى فلاحي سهل حوران. حيث كان قد تلقى فعلا عباءة حرير دمشقي هدية، وعندما ارتداها في استقبال احد اصدقائه بادره ذاك مازحا: والله ايامك منيحة يا ابو وصفي مدمشق .
ابو وصفي هو الذي اعطى لابنه اسم مريود تيمنا باحمد مريود الثائر السوري الكبير، والشهيد الكبير، الاسم الذي ظل مريود التل يشعر دائما انه يشحنه بشيء ما. شيء لا يختلف عما يحمله هو من انتمائه لأب هو مصطفى وهبي التل.