هل كان جان بيير رافارين يعني فعلا ما يقول؟ ام ان الحزب الحاكم في فرنسا بات يشعر ان خروجه من الازمة التي تحولت الى رمال متحركة لا يكاد يرفع قدما للخروج منها حتى يغوص فيها من جديد ، يفرض عليه استرضاء اللوبي اليهودي في بلاده ولا طريق افضل لذلك الا استرضاء اسرائيل.
رئيس الوزراء الفرنسي قال لرئيس الدولة اليهودية انه معجب بتجربة اسرائيل في الاندماج ويتمنى ان تستفيد منها فرنسا في سعيها لتحقيق الاندماج بين مختلف مكونات مواطنيها.
اجل ان بلاد الثورة الفرنسية وحقوق الانسان والمواطن ، وشعارات الحرية والعدالة والمساواة تريد ان تتعلم من الدولة التي تعتبر خصوصيتها الاولى واول المحرمات التي لا يجوز التفكير بمسها ، انها دولة اليهود ، وان بقية المواطنين هم مواطنون من الدرجة الثانية.
فماذا يريد رافارين ان يتعلم من اسرائيل؟
هل يريد ان تتعلم بلاد العلمنة مبدأ الدولة الدينية؟
هل يريد ان يعدل القوانين الفرنسية بحيث تتضمن قوانين تمييز بين مواطنيها على اساس دينهم ، وان يرث لاجل ذلك قوانين الانتداب البريطاني على فلسطين التي لم تعدلها اسرائيل بل اضافت اليها بنود تمييز جديدة؟
هل يريد ان تخطط بلاده مستقبلا لترحيل ابنائها من اتباع دين معين او المتحدرين من عرق معين ، او لاستبدالهم بمن هم من جنسهم في الدول المجاورة تامينا للفصل العنصري؟
وهل يريد ان يصل في اخر المطاف ونتيجة ذلك الى الاقتتال الداخلي والقمع كما يحصل في اسرائيل؟
ربما يكون قد فكر ايضا في استعارة شارون من موشيه كاتساف ليحل محله فترة كافية لتعلم »التجربة الاسرائيلية«.
لكن… الا نتحمل نحن العرب جزءا كبيرا من مسؤولية هذه المهزلة؟
لقد وقف الخط الحاكم في فرنسا الى جانب قضايانا بافضل الممكن ، وتالبت عليه اللوبيهات اليهودية والقوة الاميركية كاشرس ما يمكن ، فماذا فعلنا نحن لدعمه؟
لا نقول ابدا ان هؤلاء الحاكمين في الاليزيه مناضلون لاجل قضايانا ، او مسؤولون عنها ، انهم مسؤولون عن مصالح بلادهم ، وفي داخلها عن مصالح حزبهم ، وقد فهموا ان مصالحهم الجيوستراتيجية مع المدى العربي ، وحاولوا ان يمدوا الجسور ، فماذا فعلنا؟
جاؤونا خاطبين فتعززنا ، وقلنا لهم ان عروسنا مرهونة لابن عم يلبس قبعة وكاوبوي، ومسدساه ابدا جاهزين على خصره وفي قبضته للتصدي لكل من يقترب منها ، ولم يكونوا مجنون ليلى فبحثوا عن عروس اخرى؟
عروس اخرى لم يجدوها صدفة ، لكنها كانت تنتظر وتخطط عندنا وعندهم لتصل الامور الى هنا ، فمنذ اربع سنوات وقضية المحاكمة تلوح سيفا فوق راس جاك شيراك الى ان صدر الحكم عليه من خلال الان جوبيه.
وذاك بعد ان جاءت قضية الحجاب لتقصم ظهره ، ولا ندري اية صدفة، حيث لم تبدا هذه القضية الا بالاختين ليفي.
وما ان تحرك حزب مسلمي فرنسا محاولا تحويل القضية الى قضية سياسية مناهضة للصهيونية ، حتى تلقفتها الاطراف الصهيونية واعلامها لترسم محمد الاطرش بملامح هتلر ، وتتهمه باللاسامية وتحرك الفرنسيين ضد العرب والمسلمين ، وقبل ان تهدا الامور بدأت الابواق تنفخ مسالة المرشحين المسلمين في اوساط الحزب الحاكم ، متهمة الحزب بانه ابعد هؤلاء عن القوائم ، مستندة الى استقالة احدهم احتجاجا ، ودون ان تذكر تلك الوسائل نفسها ان الشيء نفسه حصل في صفوف الحزب الاشتراكي. كل ذلك عدا الازمة الاقتصادية الخانقة ، وقتل التصدير بهبوط الدولار ، و.. اخيرا تعرض الحليفات الاقوى : شرودر وبوتين لضغوط مشابهة.
كان بامكان العرب ، والعرب وحدهم ان يحلوا هذه الازمة او يخففوها ، ولكن الفتاة مخطوبة..بل سبية.