يوم حاسم في مجرى السياسة الاوروبية: اهم حزبين حاكمين اطلقا عملية تغيير مركزية في رئاسة الحزب.
في فرساي كان مؤتمر حزب الاتحاد المخصص لاطلاق عملية الانتخابات المحلية ، يتحول الى ساحة اطلاق المعركة على وراثة الان جوبيه في رئاسة الحزب ، وبالتالي في التحرك نحو كرسي جاك شيراك في الاليزيه.
وفي برلين كان غيرهارد شرودر يعلن لمجموعة من الصحافيين استقالته من رئاسة حزبه وتسليم المسؤولية لنائبه المعروف باخلاصه له.
حظ لم يكن لجوبيه ان يتمتع به ، ويسمي بطريقة مباشرة او غير مباشرة خليفته. هو الذي وجد نفسه مضطرا للخروج من ساحة كانت اسهمه فيها تتجاوز كل منافسيه بمساحات شاسعة، بحكم محكمة فاجات صياغته اكثر المتشائمين ، بل واكثر اعداء الشيراكيين.
الذي يقرأ هذه الصراعات على الساحة الاوروبية بعيدا عن الدور الاميركي والدور اليهودي هو كمن يريد التحليل دون ان ياخذ بعين الاعتبار سياقاته اذ جاءت صياغة انتخابية اكثر منها قانونية.
فليس من قبيل السر ابدا ان الحكم على جوبيه انما يعني كنس الطريق من امام وزير الداخلية نيقولا ساركوزي ، الذي يصبح الان المرشح الاوفر حظا لتمثيل اليمين في الانتخابات الرئاسية المقبلة ، ساركوزي الذي استقبله مؤتمر اصدقاء اسرائيل قبل اشهر بهتافات : ” ليحيا الرئيس !”
واذا كان ساركوزي الذي يتقدم لقيادة اليمين يحاول ان يخفي يهوديته فان المرشحين المحتملين لتمثيل اليسار في المعركة المقبلة ، من فابيوس الى هولاند الى ستروس كان الى لانغ هم جميعا من اليهود المعروفين بتاييدهم لاسرائيل ومن الذين كانوا معارضين لسياسة شيراك بشان العراق ، خاصة هولاند رئيس الحزب الاشتراكي الذي قاد بحماس معسكر الداعين الى التضامن مع الولايات المتحدة والالتزام بالاطلسي.
واذا كانت جميع وسائل الاعلام الفرنسية والمحللين السياسيين قد علقوا بان الحكم على جوبيه هو حكم على شيراك نفسه ، ليس لان جوبيه هو المعروف بلقب »الابن الروحي« و »الوريث« و »وولي العهد« الخ… فحسب بل لان الحكم هو قطع الطريق على الخط الشيراكي في السياسة الخارجية المتمثل اساسا في موقفه من الاوربة ومن استقلاليتها عن الولايات المتحدة الاميركية ، وموقفه من الصراع العربي الاسرائيلي.
من هنا فان ما يفسر عودة الان جوبيه عن قرار الاستقالة الفورية الذي كان قد اعلنه، هو نزولا عند رغبة شيراك ، وذلك لمنحه مهلة تهيئة الخلافة ، في محاولة ايجاد ند لساركوزي.
المعركة اطلقت اليوم ، واذا ما فشل خط شيراك فان باريس ستجد نفسها في الانتخابات المقبلة ، على الطريقة الاميركية بين مرشحين كلاهما مؤيد لاسرائيل ، وان تجرأ احدهم وقال ذلك فسيتهم باللاسامية ويجد نفسه عرضة للرماح المجنونة. بل ان فرنسا ستتجاوز عندها الولايات المتحدة التي تحفظت قليلا على يهودية جوزيف ليبرمان.
واذا ما اقترن ذلك بتغيير اخر في المانيا ، فان معركة اوروبا للاستقلال ستصاب بالفشل من خلال تفشيل المحور الفرنسي – الالماني – الروسي ، او تحوير اتجاهاته.