لم يكد الرئيس المصري يصحو من الغيبوبة التي داهمته، حتى حملت الانباء ان الرئيس الليبي دخل في غيبوبة لمدة ثلاثة ارباع الساعة، وسيذهب الى العلاج في موسكو، وكأن ثمة داء خاصا بالعالم العربي اسمه داء الغيبوبة الذي انتقل الى رؤساء افريقيا العربية بعد ان استقر ومد ساقيه في الخليج العربي حيث يغرق ثلاثة رؤساء على الاقل في غيبوبة العجز الناجم عن السن والمرض، كي لا نتكلم عن العجز بمعانيه الاخرى!! مما يذكرني بالتعبير الشعبي اللبناني الذي يطلق على العجوز الذي يصبح عاجزا وخرفا وهو: »راسي ومضيع« أي عاجز عن الحركة وعن حسن فهم وتقييم الامور .
فخارج الغيبوبة ننعم برؤساء راسيين ومضيعين، واذا ما جاءت الغيبوبة انتظرنا صحوهم منها، ليعودوا الى قياد ة البلاد والعباد.
لكن داء الغيبوبة الذي يضرب الرؤساء والامراء والملوك لمدة نصف او ثلاثة ارباع الساعة، لايام اواشهر، يتمكن من الشعوب بشكل دائم اللهم باستثناء صحوات قليلة موزعة في الزمان والمكان، والا لما نهض الرؤساء من غيبوبتهم ليجدوا الكل بانتظارهم، كالقط الذي يترقب »خناقّه« على ان ما يغيب عن الجميع هو التفكير بتحنيط هؤلاء، اذا ما افضت الغيبوبات لا سمح الله الى اللاصحوة، لا لتحفظ مومياءاتهم في القبور انتظارا لعودة الروح، كما كان حال الفراعنة، بل لتعرض على الناس، وتستمر في حكمهم … صدقوني ان الامر ممكن لان الاحياء محنطون، والذي يدير المومياءات البشرية العربية، يقظ وصاح ويعرف جيدا ماذا يريد ويمسك الخطة من مجملها الى تفاصيلها ويسهر ليلا نهار على نحت وقولبة النماذج.
اجل النماذج، الم يقل لنا جورج بوش ان العراق سيصبح نموذجا، وها هو قد اصبح، وكذلك قال ان البحرين ستصبح نموذجا، والمغرب سيصبح نموذجا، وبالامس جاء دور السودان في التصريحات البوشية ليصبح نموذجا…. نسيت انهم وعدونا ايضا قبل عشر سنوات بان السلطة الفلسطينية واسرائيل سيكونان نموذجا، والاردن نموذجا .. لكن، لابوش الاب ولا الابن الذي فاق اباه قالوا لنا مرة نموذجا لمن.
على اية حال ليست النمذجة هذه اختراع اسرة بوش والحزب الجمهوري فقبلهما بربع قرن كانوا يقولون عن لبنان انه نموذج واذا به يدخل حربا اهلية قذرة اصبحت فعلا نموذجا لما يهيأ للعالم العربي كله، وانتجت مصطلح اللبننة الذي اصبح يدلل على كل عملية تفتيت طائفي اتني اقيمي، يتفجر مشظيا البلد والناس.
فهل ستكون اللبننة قدرنا كلنا اذا ما استمرت الغيبوبات المزدوجة، غيبوبة الرؤساء وغيبوبة الشعوب؟