اية كراهية؟…

صحيفة الدستور، 17-11-2003

الرئيس الاميركي قلق من التحريض الذي يمارسه العرب ضد اسرائيل، ويتبنى بعنف المطلب الذي طالما جعله المسؤولون الاسرائيليون في مقدمة مطالبهم عند التفاوض مع العرب: وقف التحريض او الحض على الكراهية.

ليس الغريب ان يخاف الاسرائيليون من الكراهية، فهي فعلا اسوأ ما يمكن ان يخيف شعبا او مجموعة او فردا، ولكن الغريب ان لا يشعر الرئيس الاميركي بأمرين مقابلين:

الاول هو الكراهية التي تتعامل بها اسرائيل ليس مع العرب فحسب بل ومع العالم، والمعادلة البسيطة التي تقود الى ان الكراهية لا يمكن ان تقابل بالود والعشق وباقات الورد.

والثاني هو كراهية العالم لاميركا، والتي بلغت، بفضل غباء وحقد ادارة بوش، واستسلامها الكامل لمخططات اللوبي اليهودي الصهيوني، حدا يحسدها عليه دراكولا.

قد يكون الرئيس المعزول وراء اسوار قصره وتزمته، وعجرفته، جاهلا بالفعل لمدى هذه الكراهية، ولكن الا تكفيه زيارة لندن، الحليفة الوحيدة، لتشعره بمدى نجاحه المذهل في جلب الكراهية لبلاده ولشخصه ؟

واذا كان مساعدوه او مسيروه قد منعوه خلال حرب العراق من مشاهدة التلفزيون، كي لا تتأثر قراراته بما يمكن ان يراه من صور الحرب (هو الذي لايخلو خطاب او تصريح له من الحديث عن »التصميم«)، فهل استطاع هؤلاء المساعدون من ان يمنعوا عنه نتائج استطلاعات الرأي التي اجرتها اكثر من صحيفة بريطانية ودلت على ان 76%من البريطانيين يعارضونه، حوالي خمسين بالمئة يعتبرونه ابله؟

هل استطاعوا ان يمنعوا عنه تصريحات عمدة لندن؟

بماذا برروا له الغاء خطاب مجلس العموم، والغاء الجولة الملكية التقليدية؟

وهل قالوا له ان هؤلاء الذين اسقطوا تمثاله اللعبة في ساحة الطرف الاغر، هم اطفال يلعبون لعبة تقليد الحرب؟

ام قالوا له ان الساحة المذكورة تقع في احدى الدول التي عمدها »مارقة«؟

بوش لا يجهل شيئا، وغباؤه الشخصي لا يغير امرا في تقرير مصير الامور، لان الذين يخططون معروفون، وهم الذين يملكون بيدهم خناقه وخناق غيره من المسؤولين، واذا كان لعقليته الحاقدة المتزمتة التي لا تملك شيئا من صفات الرجال الكبار، فضل في اشعال النيران، فهو فضل الاستجابة لما يطلب منه. استجابة جلبت لاميركا كراهية لا يمكن ان تصمد امام نارها على المدى البعيد اعتى الامبراطوريات.

فهل ينتبه الاميركيون كما انتبه البريطانيون الى الخطأ والخطر الكامنين في سياسة قيادتهم السياسية؟

هل سينتبهون الى ان الذي خان شعبه، ليس القيادة الفلسطينية التي رفضت المضي في التنازلات ووقفت عند النقاط الحمراء، فاستحقت التفافا شعبيا رغم كل شيء، مما اوصل قضيتها الى هذا التعاطف العالمي غير المسبوق، بل ان الخائن هو الذي يصل الى حشر بلاده رغم كل توسعها الاستعماري في اطواق الكراهية.

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون