كل ما اهتدت اليه عبقرية لجنة صياغة الدستور العراقي الجديد لحل مشاكل البلاد هو تقسيمها الى سبع ولايات شبه مستقلة .
افي ذلك من جديد للذين لا يحبون فقدان الذاكرة؟
الم يكن تقسيم العراق هو الهدف الرئيس للمشروع التدميري المطروح منذ سنوات طويلة؟ الم يتحدث الستراتيجيون من معارض ومؤيد للمشروع عن ذلك بوضوح وبالاسم منذ التسعينات على الاقل؟
الم يعنون جان بيير شفينمان، وزير دفاع فرنسا المستقيل في العدوان الاميركي الدولي الاول- على سبيل المثال – عن استقالته تحت عنوان لبننة العراق ومن ثم تقسيمه؟
الم تكن كل التصريحات العربية ومن باب العلم غير المعلن تؤكد على وحدة العراق وسلامة اراضيه؟
اولا تقضي الخطة الاستعمارية الاسرائيلية للمنطقة بعدم الابقاء على اية دولة كبيرة، تملك مقومات دولة حقيقية في العالم العربي؟ كي يصبح الاطار المحيط باسرائيل مشابها لها سواء من حيث التكوين العرقي الطائفي العنصري، ام من حيث الحجم والقدرات، ام من حيث التكوين المفتعل المفتقر الى مكونات دولة حقيقية، كي يتأمن بذلك تفوق الكيان العبري من جهة، ويتأمن من جهة اخرى ضمان عدم قيام قوة عربية ولو في المستقبل البعيد يمكن ان تهدد هذا الكيان، كما يتأمن نجاح مشروع الشرق اوسطية القاضي بقيام مساحة شرق اوسطية تحت الهيمنة الاسرائيلية الاقتصادية والثقافية، فيما يلتقي مع المصلحة الاستعمارية الاميركية القائمة على الشعار القديم الجديد: فرق تسد .ومع متطلبات العولمة الاميركية والشركات المتعددة الجنسيات .
وفي كل هذا نسال : اين اصبح نوح فيلدمان؟ الحقوقي اليهودي الاميركي الاسرائيلي، الذي عينه الاحتلال مشرفا على وضع الدستور العراقي الجديد، وكل ما في سيرته الذاتية انه خريج المدارس التلمودية وصاحب كتاب عن الاسلام والديمقراطية، صدر قبل احتلال العراق بقليل .
اين اصبح فيلدمان، وما هي بصماته في هذا الدستور الذي يحدثنا عنه الساسة والاعلام كل يوم وكأنه سيكون الانجاز الانساني لهذا الاحتلال، والمنقذ الذي سيخرج البلاد من فوضاها؟
اين فيلدمان من مشروع دستور العراق، ومن مشروع تقسيم العراق؟
ومن هي اللجنة التي تعمل باشرافه؟
واين هو مجلس الحكم الانتقالي، الذي ضجت الادارة الاميركية نفسها من فضيحة فساده المالي وانصرافه الى النهب الذي اطلق عليه باول »الاهتمام بمصالحهم الاقتصادية«؟
بل واين الدول العربية من قضية التقسيم هذه التي، ان حصلت، فلن تقتصر على العراق، بل ستمتد نارها وسكينها لتتفشى في جسم كل الاخرين، من مصر الى سوريا الى السعودية، الى كل من يستحق ان يسمى دولة؟