» القراءة السريعة، التي اخترعتها اميركا، ان هي الا تعبير يقول بطريقة ما : طالما انه بقدورنا ان نكسب الفت في التقنية، فلماذا لا نكسبه في الثقافة ؟
لكن هذه الذهنية لا تفهم انه بمقدور طائرة الكونكورد ان تعبر الاطلسي كله بساعات لكن لا يمكن باي شكل، لطفل ان ينمو في رحم امه ليصل الولادة الا بتسعة اشهر، كذلك لا بد وان تسغرق قراءة رواية الحرب والسلام خمسة عشر يوما«
اقرأ هذه الفقرة، من البحث الفلسفي الذي بيدي بعنوان : »الصراع الجديد لاجل الوقت«، واضعه جانبا. تمضي بي المفارقة بعيدا، فرغم ان هذا البحث يتناول الابعاد الثقافية البحتة، الا انه يترجم عمق الكثير من القضايا المصيرية في هذا العصر من صراع العالم العربي مع الامركة والاسرلة، وعلى اية حال فان القضايا المصيرية لا تكون في العمق الا قضايا ثقافية بالمعنى الشامل الواسع للثقافة.
وان يختار الباحث – من بين كل روايات العالم – رواية الحرب والسلام مثالا، لصدفة تحمل لي الكثير انا ابنة الامة التي تعيش على حافة السكين ويطلب اليها ان تغفو هناك على انغام السلام.
الا يؤدي بنا هذا الى ايقاع الحروب والسلام الاميركيين في المنطقة، ايقاع اعتقد انه بحسم الحرب النظامية بسرعة صاروخية في العراق، يكون قد حسم الصراع التاريخي برمته، ولم ينتبه ابدا الى ان الطفل الذي سيزرعه هذا الاكتساح الغازي في رحم العراق المحتل لا بد وان ياخذ أشهره لينمو ومن ثم لا بد له ان يخرج الى الحياة.
كذلك فان تلك المسرحيات التي سميت سلمية والتي اخرجتها القراءة الاميركية السريعة على مسرح القضية الفلسطينية، ظلت مرتجلة شكلية ولم تؤد الى شيء.
اوليست هي قضية مرتبطة بالثقافة التي تحدد مفهوم الوقت، وبالتالي مفهوم الذاكرة، وكما يعنيه ذلك كله من حيث الاعتقاد بالتكنولوجيا يمكن ان تحل محل الانسان، بل والانسنة، ولذلك لا يعني لها العمق التاريخي للعراق او لفلسطين وما ينتج عنه من طول نفس المقاومة والصمود ذ الم يكن مفارقا ان جورج بوش هو الذي اصبح يتحدث عن الصمود؟ الم يقل قبل يومين ان الاميركيين سيصمدون في العراق؟
لكن ما ينطبق على الاميركيين هنا لا ينطبق على الصهاينة، لانهم اصحاب حركة قامت على الذاكرة، حتى ولو كانت ذاكرة مفتعلة ، وعلى النفس الطويل حتى ولو كان نفسا معتمدا على الشحن الخارجي، لذلك فان صراعنا معهم قد يكون الاصعب، ويكون عض الاصابع بيننا وبينهم اطول واوجع. رغم عقدة الحجوم التي تحمل الرعب على ظهر الفيل الاميركي.