»انا امراة عربية «
»هذا لا يقول لي شيئا، من أي بلد انت ؟ «
***
»العالم العربي«
»هل تعتقدين ان هذا المصطلح علمي، ولرسالة جامعية، هل هناك شيء اسمه العالم العربي ؟ »علميا ولغايات الرسالة، لنقل انها الدول المنتمية الى الجامعة العربية«
***
الاستاذة الاولى لا تريدني ان اعرف نفسي كعربية، والاستاذ الثاني يحاول ان يصرفني عن مصطلح العالم العربي .
الاستاذة الاولى تدير الحلقة الدراسية حول ثيمة :»الميديا والحياة الثقافية« والاستاذ الثاني يدرس مساق جيوبوليتيكية الميديا، ويشرف على رسالتي حول الفضائيات العربية .
لماذا يريد هؤلاء تكريس التجزئة حتى في عقول وعلى السنة طلابهم من العرب؟
لماذا يحاولون ان يستعملوا سلطتهم الاكاديمية لفرض ذلك؟
ولكن، لما اللماذا؟
اوليسوا احفاد جورج بيكو شريك مارك سايكس في تشريحنا؟
اوليس لبعضهم ان يدافع عن انجاز اجداده؟
تدخل معهم المناقشة، تسال استاذ الجيوبوليتيك : وهل تتعامل السياسة مع المنطقة الا كجغرافية واحدة، حتى ولو كانت تستفيد من التجزئة لتسهيل التغلب عليها؟
ثم هل كان وزيرا خارجية بلادكم وزميله البريطاني بحاجة الى التشريح لو لم يكن الجسد واحدا؟ منطقيا: هل يجزأ الا الواحد، هل يقسم ما هو اقسام؟
فيرد : والمغرب؟ المغرب بربري؟ يعرب قسرا، و المسيحيون؟ اهم عرب؟
تخبره عن فارس الخوري و»انا مسيحي دينا، مسلم حضارة«، وعن رؤية لا ترى في العروبة عرقا لا ولا دينا، حتى ولو كانت الحضارة العربية الاسلامية قد طبعت حضارتها منذ ثلاثة عشر قرنا، تسأله عما اذا كان يرى، هو، ابن العلمنة والقيم الجمهورية، من الطبيعي ان يعود الحديث في القرن الواحد والعشرين عن الاتنيات والطوائف؟
عما اذا كان لا يشعر بالخطر التفجيري الذي يشكله هذا المنطق على المجتمعات الاوروبية نفسها؟ الم يبدأ في فرنسا نفسها الحديث عن: الكورس، البروتون، وسواهم، الم تكن يوغوسلافيا نموذجا للبنة ممكنة للعالم؟
يرد بان ذلك ليس فقط مسؤولية الاستعمار كما تحاولون انتم العرب ان تقولوا دائما، انه نتيجة اضطراب الهوية، فالهويات القومية العرقية التي بنيت في القرن التاسع عشر سقطت، والهويات الشيوعية التي بنتها الكتلة الشرقية، سقطت، ولذلك يرتد الناس الى الهويات الاتنية والدينية، ربما الى القرون الوسطى .
والهوية الثالثة -اساله- العلمية بمنطق علم الاجتماع، والمحققة وحدها للسلام الاجتماعي، والوحدة الحياتية، تلك التي تقوم على المبدأ الاجتماعي: التعددية التي تذوب في الوحدة، وحدة الخط الحضاري، والثقافة، الناشئة عن تعايش الناس المستمر والتاريخي، على بقعة ارضهم، جغرافيتهم . وذاك ما اسماه بعض مفكريكم: القومية المركبة، ونسميه نحن: »القومية الاجتماعية«؟
يقول: هذا منطق، ولكن هذا يفترض العلمنة، حتى داخل الانتماء الى الحضارة العربية الاسلامية، فهل بامكان المجتمعات الاسلامية ان تكون علمانية؟
في السبعينات، كنت استاذا زائرا في بيروت، الم تكن ترى ان تيار العلمنة يكتسح الجامعات بكل اطيافه؟
لماذا لم يترك لتلك التجربة ان تنضج ؟ علما بانها لم تكن حركة لبنانية بل حركة عربية في لبنان .
وها هو العراق، الم يكن الاكثر علمنة في العالم العربي؟ والاكثر دمجا للاتنيات ، منذ المرحلة الملكية ، لماذا دفع به الى ما نراه من لبننة؟
تتدافع الامثلة والشواهد، ويمضي النقاش، وفي مفأجاة مذهلة يرد: هي حاجة اسرائيل، التي تفرض قيام كيانات دينية واتنية عرقية في المنطقة، كي يصبح منطق الدولة اليهودية موازيا لمنطق الدولة الفلسطينية الاسلامية، ولكل الكتل المشابهة المحيطة .
وتلك مسؤوليتكم انتم، فلماذا تستجيبون للفتنة؟ ولماذا لا تعملون على تركيز تحديد واضح للهوية؟