اوزيراك … اوزيران، ام ماذا؟…

صحيفة الدستور، 15-10-2003

اهو مجرد تلويح بالقوة تجنبا لاستعمالها، ام ان ثمة ضربة حقيقية تنتظر ايران؟

وهل ستاتي هذه الضربة، ان حصلت بيد الولايات المتحدة الاميركية، ام باليد الاسرائيلية؟

وفي الحالة الثانية: هل الذراع الاسرائيلية هي عصاة بيد الاميركيين، ام هي ذراع يهوه الذي يحكم الولايات المتحدة ويفيد من كل ما يحتاجه من قوتها ؟

قبل يومين نشرت لوس انجيلوس تايمز خبرا مفاده ان اسرائيل تمتلك غواصات نووية قادرة على ان تضرب اهدافا في ايران، وفي اليوم ذاته كانت دير شبيغل الالمانية تنشر ان الموساد الاسرائيلي يهيىء لضرب اثني عشر هدفا داخل ايران، ومن ثم تناقلت وسائل اعلام اخرى كثيرة هذا الخبر مضيفة اليه تفاصيل اخرى كثيرة من مثل ما كشفت عنه ليبراسيون الفرنسية عن امتلاك اسرائيل مئتي طائرة اف 15 واف 16 قادرة على اطلاق رؤوس نووية، او من مثل تفاصيل كثيرة حول الغواصات، منها ما هو معروف مثل القول بان اسرائيل اشترت ثلاثا من هذه الغواصات من المانيا، بتمويل اميركي- الماني، عام 1990 وقامت بتطويرها الى ان ادخلتها في الخدمة عامي 1990 و2000 تحت اسماء: دلفين، ليفياتان وتيكوما، حاملة رؤوسا نووية من نوع هاربون الاميركي طورتها شركة رافائيل الاسرائيلية، كما تقول لوس انجيلوس تايمز.

اول ما يثيره نشر هذه الانباء الان، هو السؤال : لماذا؟

لماذا تنشر هذه الوسائل غير البعيدة عن اللوبيهات الاعلامية الاسرائيلية ما كان يعتقد انه من الاسرار المحظورة؟

هل المقصود هو توجيه رسالة تهديد لايران؟ او رسالة تقول، كما قالت احدى الصحف الغربية: »حتى لو امتلكتم قوة نووية فنحن نمتلك ما هو افعل، واذا كان بامكانكم ان تنافسونا فوق الارض، فلن يكون بامكانكم ان تفعلوا ذلك تحت الماء«؟

ام ان المقصود شيء آخر هو بداية الحرب النفسية التي تهيىء للحرب الحقيقية، سواء جاءت على شكل ضربات من نوع ضربة اوزيراك، ام على شكل اخر يبدأ بالعقوبات الدولية ولا يعلم احد كيف يتطور ؟

الجواب على السؤال الاول ايجابي، لان التهديد مطلوب ايا يكن جواب الاسئلة الاخرى، اما الجواب على السؤال الثاني فهو ان هذا السؤال هو نفسه على درجة من الخبث الاعلامي الذي يكون لدى المتلقي نوع من المساواة في تهمة التسلح النووي بين اسرائيل وايران، ويهيىء بذلك امكانية تقبل نفسي لضرب احداهما للاخرى، بل ويعطي لضربة اسرائيلية ما نوعا من طابع الدفاع عن النفس الذي طالما غطت به اسرائيل كل جرائمها.

وبذا تكون مرحلة الحرب النفسية التي بني عليها السؤال الثالث قد بدات، بل انها في عزها.

اذن ثمة قادم … ولعل الايرانيين يخشون الضربات الاسرائيلية اكثر مما يخشون العقوبات الاميركية، لان واشنطن متورطة حتى شعر راسها في العراق، وهي تعيش مازقا كبيرا في استراتيجيتها الاسيوية، فاما ان تبقى ايران خارج سيطرتها، وبالتالي يكون كل ما فعلته في افغانستان والعراق بدون فائدة، سواء بالمنظار النفطي ام بالمنظار الستراتيجي، واما ان يكون عليها ان تخضع ايران بالقوة وهذا ما لا تستطيعه الان مع تصاعد حرائق العراق، واما والحال هذه ان تضطر الى التوصل الى تسوية معينة مع الايرانيين.

هذا الحل الاخير يرضي الاميركيين لكنه لا يرضي اسرائيل وبالتالي فان اللوبي المؤيد لها في واشنطن يتحرك ضده، وبمنطق: لنترك الحلفاء يقومون بالمهمة، المطلوب هنا هو الضوء الاخضر فقط.

ولكن ماذا لو اعطى الايرانيون عندها ضوءهم الاخضر للشيعة المؤيدين لهم في العراق للتحرك ضد الاميركيين؟

اذن العقوبات افضل في نظر من يتبنون هذا السؤال، والامر يظل بالغ التعقيد، الا ان المؤكد هو تلك الرؤية التي اكدها قياديو اسرائيل من ان الخطرين الكبيرين اللذين يتهددان اسرائيل هما : العراق وايران، رؤية اكدها جميع استراتيجيي الدولة الصهيونية من نتنياهو اليميني (من كتابه: امن وسلام استئصال الارهاب، الى خطابه في الكونغرس الاميركي بعد 11 ايلول) الى ايهودا باراك الذي كان يقيم من تحديد هذين الخطرين شعارا ونظرية .

لذا سيكون اليهود جادين في الدفع الى الضربة لكن الظروف الدولية والاقليمية كلها غير مؤاتية، وفي يد طهران اكثر من ورقة، وامامها اكثر من مباراة عض اصابع، واكثر من ورقة مخفية اوغير مخفية سوف يقلبها الاميركيون والصهاينة على الطاولة.

تبقى معلومتان متعلقتان بقصة الغواصات هذه:

الاولى ان اختبار الصاروخ النووي قد تمت في سريلانكا، هذه الدولة التي تغذي اقتصادها من كسلنا وتفاهتنا، وتمنح ساحاتها لاسرائيل

والثانية ان هذه الاخيرة قد سددت عام 1999 جزءا من ثمن الغواصات ومن ثم اعتبرت الباقي من تعويضات الهولوكوست.

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون