وفي هذه ال »ما« وفي هذا ال »كم« الكثير والقليل في ان واحد.
»ما« اصبحت اقل بكثير مما قصده يوما غسان كنفاني، واكثر بكثير مما قصده يومها، لكنها تظل ايضا هي هي من حيث الدلالة والخيار، لهذه ال »كم« التي ما اذا اخذناها بضم الكاف عنت نحن، واذا ما اخذناها بفتحها عنت وصفا دقيقا لهذه النحن.
اجل نحن كم هائل من البشرالذين لم يتبق لهم على هذه الخارطة الا ان تضرب سوريا لينهار اخر جدار في وجه الطوفان
لم يتبق لهم الا ان يفعلوا شيئا، على صعيد التضامن، على صعيد ردم الفجوة بين الحكومات والناس، على صعيد الموازنة العاقلة بين الانتماء والاصالة والانفتاح على العالم، على صعيد تذكر اكلت يوم اكل الثور الابيض. قبل ان تنتهي قافلة ثيراننا المنتظرة صفا طويلا امام باب المسلخ الاميركي اليهودي
اليوم، كان كاتب عربي سوري متسكع في باريس يسأل بشير هلال صاحب مكتبة المتوسط في باريس : »ما اخر الاخبار؟«
فيجيبه : »اليهود احتلوا فلسطين…. « ويضيف امام نظرة السائل وهزة رأسه : »ما بك؟ هناك اناس لم يصلهم هذا الخبر بعد«.
فمتى سيصل هؤلاء خبر احتلال العراق؟ اعندما تحتل سوريا؟
متى ستصلنا ورقة نعينا؟ وهل سيظل هناك من يقرأها ان لم نعرف ان ثمة طريقين لا بد لنا من سلوكهما : تبني خيار المقاومة بكل اشكالها الممتدة من نوع لقمة الخبز التي نأكلها الى نوع الرصاصة التي نستعملها، مرورا بنوع الفكرة التي نتركها تسري في عروق دماغنا. و… سلوك طريق سياسي يحول دون استمرار حرب الاجهاز التي تشن ضدنا.
كيف؟
في يد الحكومات العربية على اهترائها الكثير مما تساوم عليه، والكثير مما تضغط به، وامامها الكثير مما تستطيع ان تلعب عليه. لكن ذلك كله يتطلب شرطا واحدا : ان تقدم مصلحة الوطن على مصلحة النظام، بقاء الاول على بقاء الثاني، فهل بامكانها ان تفعل؟
ثمة بارقة امل تمثلت في موقف ايجابي وواع تبنته المعارضة السورية عندما رفضت الانضمام الى الحملة التي تشن ضد سوريا وعبر عنه الناطق الرسمي باسم المنتدى السوري في اميركا عندما قال ان الحملة تستهدف سوريا وشعبها لا النظام فحسب واعلن رفض جماعته المشاركة فيها، مما يضع الكرة في ملعب النظام الان كي يقوم بخطوة ما باتجاه هذه المعارضة الان قاطعا الطريق على العملاء وعلى الذين يتحججون بغياب الديمقراطية لتصفية البلد.
كذلك فان المطلوب من الانظمة العربية الاخرى ان تباشر عملا داعما للموقف السوري دون ان تقيم حساباتها على اساس تأثير ذلك على نظامها.
ان لم يكن حرصا على سوريا فانما على ما تبقى لنا.