11 سبتمبر تاريخ لم يختلف اثنان هذا العام حول دلالته، الا الصينيون، فقد صادف عندهم عيدا من اهم وابهج اعيادهم : عيد القمر، وبينما كان الاميركيون يحيون ذكرى ضحاياهم، ويبررون لانفسهم باسم هؤلاء ابادة قوافل الضحايا في مختلف انحاء العالم، خاصة في اسيا، كان الصينيون يتحلقون تحت نجم ابيض عملا ق نشروه في سماء بكين، يقيمون الاحتفالات ويتبادلون اقراص الحلوى المعروفة عندهم باسم : ” اقراص القمر ” والتي تحتوي عجينتها الدسمة، اضافة الى حبوب السمسم، على اوراق صغيرة ملفوفة تحمل عبارات هي عبارة عن تمنيات او تنبؤات ما بمناسبة العيد.
غير ان الطريف في هذه الاوراق هو انها ا ستمرار لتقليد قديم يعود الى ايام القرن الرابع عشر، رغم ان دلالته قد تطورت عما كانت عليه يومها.
فقد كانت البلاد محتلة من قبل المغول، وكانت المقاومة الوطنية تتعرض لابشع انواع الملاحقة الامنية على يد عملاء الامبراطور المغولي يوان، مما جعل السكان يلجؤون الى اساليب متعددة للتخفي ومنها اخفاء رسائل ودعوات الى المقاومة داخل اقراص الحلوى.
ولعل من المفارقات الاخرى ان المسرحيين الصينيين يلجؤون ايضا الى الافادة من ذكرى الحكم الامبراطوري للتعبير عن ادانة ما غير مباشرة للتسلط في الحكم، بحيث ان المشاهد يعرف تماما عمن يتكلم الممثل عندما يقول : »المسؤولون الكبار لا يقيمون وزنا للعدالة، والناس لا يتجرؤون على الاحتجاج« او عندما تصرخ ممثلة في مسرحية تيان هان: »متى سستيقظ الالهة وتعاقب ضباط الامن«.
دلالتان : تمجيد المقاومة، والاحتجاج على السلطة باسلوب الاستدعاء التاريخي، او بالاحرى الالتفاف على القمع عن طريق هذا الاستدعاء تنسحبان تماما على وضعنا نحن في العالم العربي، وتشهدان على تصادم الروزنامتين بين الشرق والغرب، ليس في التواريخ فقط وانما في الاحتياجات و الاولويات.
غير ان الدلالة الكبرى التي قد تحملها هذه المصادفة التاريخية في المناسبتين تتمثل في ان الروزنامة الشرقية قد جعلت عيدا يمجد مقاومة المحتل الامبراطوري،مقابلة لذكرى حدث استعمل ذريعة للاحتلال، لكأن السؤال يفرض نفسه : لماذا لم يشأ القدر ان يوافق عيد القمر الصيني المتغير التاريخ، تاريخ 11 ايلول الا هذا العام، أي في اول 11 ايلول بعد احتلال العراق ؟
واية رسالة اراد هذا الشرق الاصفر ان يحملها لنا نحن الذين لم يعد لنا ان نكرر ابتهاج ابي تمام بانصراف اعدائنا »صفر الوجوه« منذ ايام المعتصم.