صباح الخير، الصباح الاول بعيدا، ومع الحياة والناس، حياة اخرى وناس اخرون، ما الجديد عليك وانت التي الفت السفر حد الادمان؟ والفت هذه المدينة بالذات منذ الشباب الاول وحتى كل المعايشة اللغوية والثقافية والسياسية اليومية؟
حياة وناس تعرفينهما كما تعرفين ناسك
فلا هو جهل الاخر الذي يدفع الى عقدة الرفض المطلق ولا هو الانبهار به بدافع دونية حضارية، بل هي المعرفة المؤسسة للاعتراف ومن ثم القبول فالتفاعل… وهو نوع خاص من الالفة والمحبة لثقافة ومدينة اعطتك الكثير مما اعطته للثقافة الانسانية كلها.
لكن.. ثمة شيء مختلف هذه المرة.. وهذا الهناك لا يمكن ان يصبح الهنا، وانت لن تكوني يوما الا انت
اهرب من التاملات التي تثقل الصباح، افتح المذياع، واذ برنامج اطفال واغنية كنت احفظها مذ كنت صغيرة في المدرسة الداخلية: سيدتي الماركيزة.
الماركيزة تتصل هاتفيا بمدبر منزلها لتطمئن على حاله، والاغنية تدور كلها على لسان هذا الرجل:
سيدتي الماركيزة كل شيء بالف خير
لكن… سيدتي الماركيزة، زريبة المواشي احترقت
لا لاتقلقي سيدتي، كل شيء بالف خير
لكن سيدتي الماركيزة، نار بسيطة شبت فاحرقت زريبة الحيوانات.
من اين شبت النار ؟
امر بسيط، نار اندلعت في مخزن الحطب
لا تقلقي سيدتي، كل شيء على ما يرام
مخزن الحطب؟
امر بسيط تسرب حصل في مخزن الوقود، ولاندري كيف اشتعل،
مخزن الوقود؟
اتت النار على كل ما فيه
سيدتي الماركيزة، لا تقلقي كل شيء بالف خير
النار؟
اجل سيدتي اصابت الحديقة
الحديقة؟
انت تعلمين الدنيا صيف، احترقت معظم اشجارها
سيدتي الماركيزة، كل شيء على ما يرام
نار الحديقة؟
بلى سيدتي طالت البيت
لا تقلقي الدنيا بالف خير
البيت؟
بلى سيدتي احترق البيت
ولكن لاتقلقي سيدتي الماركيزة، الدنيا بالف خير وكل شيء على ما يرام
انتهت الاغنية، والمذياع ما يزال يلعلع لكنني لم اعد اسمع شيئا، ما الذي دفع الي بهذه الكوميديا السوداء في الساعات الاولى من اول يوم لي في باريس، وقد جئتها لدراسة حول الخطاب الاعلامي العربي؟
واية رسالة ارادت ان تنقلها لي ولكم؟