حفنة من المحافظين القريبين من الليكود ومن اليمين الاميركي الديني، ارادوا الحرب لتغيير وضع الشرق الاوسط وحماية اسرائيل كما كانوا يظنون..
هل كان الامر يحتاج الى وليام اودن، مدير وكالة الامن القومي سابقا، لتأطير ما كان يقوله جميع المراقبين قبل العدوان على العراق وبعده ؟
وهل اودن، هو الرجل الوحيد بين المسؤولين الاميركيين الذي يرى ذلك ؟
قي مقابل ايدن المحافظ، يأتي انطوني بلينكن، الديمقراطي ليتحدث عن العمى الايديولوجي، عن الهرولة المجنونة الى الحرب، بدون التحضير المطلوب لها، وذلك لاعتبارين : الاول هو استباق الامور قبل ان يتمكن معارضو الحرب من منعها . والثاني هو رغبة بوش في انجاز المهمة قبل الانتخابات .
ولاجل ذلك يرى بلينكن ان الادارة كذبت على الكونغرس في موضوع تكاليف الحرب، كي لا تخيفه مما يؤثر على قراره .
وفي ذلك يقول بلينكن : » ايا تكن خسارة الولايات المتحدة، فانهم لا يبالون، بل ويهزؤون من الامر، المهم بنظرهم هو اضعاف العرب فقط «.
هذان الرجلان ليسا المسؤولين الوحيدين اللذين يتحدثان الان عن اللعبة اليهودية اليمينية المحافظة القذرة التي لم تكن تأخذ في الحسبان أي شيء بما في ذلك مصلحة الولايات المتحدة نفسها، لاجل تدمير القوة العربية المتمثلة في العراق، استكمالا للمشروع الصهيوني، فمثلهما، وبدرجات متفاوتة الوضوح يتحدث كينيث الارد، الكولونيل المتقاعد في القوات البرية، والذي كان مستشارا في البوسنة، وكذلك السناتور بيرن وغيرهم، بل ان هناك من اتخذ موقفه الواضح قبل الحرب، خاصة بين صفوف العسكريين : من مثل توماس وايت الذي استقال من قيادة القوات البرية في نيسان الفائت، احتجاجا على الحرب، او ايريك شينسكي الذي اجبره رامسفيلد على الاستقالة لانه قال امام الكونغرس ان الحرب ستكلفنا الاف الضحايا .
واليوم اذ تغرق الولايات المتحدة في المستنقع، بحيث يقول ديفيد هاكورس احد اهم قادة الحرب الفييتنامية على موقعه على الانترنت : »ان الامر بات يذكرني بفييتنام « ويضيف قلقه من العزلة التي بات يعيشها الجندي الاميركي المهدد في كل لحظة، ومن أضراره العيش في المساحة المحصورة، واذ يخرج علينا العديد من المسؤولين الاخرين بتصريحات تعكس سذاجة مذهلة اذ تتمحور كلها حول نقطة ان كل ما توقعوه في العراق لم يتحقق، ويروحون يمعنون في تحليل ذلك والسؤال عن الورود التي كان ينتظرها كل جندي، واسلحة الدمار الشامل المرمية على قارعة الطرق، واعمال النهب والتخريب التي محت منذ اللحظات الاولى كل ايجابية ممكنة للاحتلال، والخداع الكبير الذي مارسته عليهم المعارضة العراقية في حينه، فان السؤال المطروح هو : اذا كانت الصهيونية قد خططت لهذه الحرب لا لشيء الا لتحقيق اهدافها في بلادنا، واذا كان وصول اليمين المحافظ الى السلطة في انتخابات لم ننس كيف حسمت، قد حصل لتحقيق انخراط القوة الاولى في العالم في خدمة هذه الاهداف، حتى ولو على حساب مصلحة الاميركيين انفسهم، واذا كان المخططون اليهود الذين حضروا لكل ذلك يتنصلون الان من المسؤولية ويرمونها على عاتق جورج بوش وسائر اعضاء ادارته، كما يتركون طوني بلير لمصيره، منذ استقالة ريتشارد بيرل غداة الحرب (وقد انهى مهمته !) الى تصريحات وولفوويتش المتنصلة (وهو المعروف بلقب » صاحب هاجس العراق « واذا كان الكثيرون في الاعلام والادارة يحاولون بدورهم ان يلقوا هذه المسؤولية على عاتق المعارضة العراقية في الخارج التي يقولون انها ضللتهم، فان ما هو واضح هو ان العمى الايديولوجي الذي يعاني منه اليمين المحافظ، يقابله عمى الحقد وعمى الرغبة في الانتقام باي ثمن، حتى ولو كان بثمن بيع البلاد للاميركيين وللصهيونية، لدى المعارضة العراقية التي اسعدها التحول الى زمرة تعاون مع الاحتلال، ولكن دون ان يقابلهما أي غبار على وضوح الرؤية الصهيونية التي كانت تعرف تماما ما تريد وكيف تسخر الجميع للوصول اليه .
ولذا يكون الرهان الوحيد الان على مقاومة قادرة على كشف الغطاء اكثر وتحريك مياه المستنقع اكثر وتوسيع الهوة بين الاطراف المتواطئة، اكثر فاكثر .