لماذا يهرب ملوك اسرائيل الروس الى بريطانيا؟
هؤلاء الذين كونوا ملياراتهم على قرقعة انهيار الاتحاد السوفييتي، وعلى انغام الخصخصة التي لم تكن في واقع الامر الا توافق مافيات اقتسمت البلاد او تقاتلت عليها، وتمكن اليهود في خضم ذلك ان يكونوا تحالفا اطلق عليه اسم (العائلة) نجح في تحطيم معظم من وقف في وجهه باساليب مختلفة تتدرج من التسبب في الافلاس الى تلفيق التهم، الى القتل (كما حصل مع صاحب شركة نوفوكوزنيت اكبر مجمع للالمنيوم في روسيا، موريس جيفيليو، الذي اجبر على ترك البلاد وافلست شركته لتحل محلها شركة روسال العائدة للمليونير اليهودي تشيرنوي)، ليصل الى السيطرة على معظم الثروات الرئيسية، سواء في روسيا ام في جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق، فيحمل شيرنوي لقب ملك الالمنيوم، واخر لقب ملك الالماس، وثالث لقب ملك النفط، ورابع لقب ملك المناجم الخ… مما ذكره بالتفصيل تقرير صدر في صحيفة لوموند قبل اشهر بعنوان (ملوك اسرائيل) ملخصا عشرات التقارير التي صدرت في الصحافة الروسية، دون ان يفسح لها اللوبي اليهودي المسيطر على الاعلام قي العالم مجالا للانتشار.
ولم يكن العنوان المذكور اعتباطا، بل انه ترجمة لكون هذه الاحتكارات، بل والمافيات انما توظف نشاطها ونفوذها وحتى سطوتها الجرمية في خدمة دولة الاغتصاب الصهيوني ومصالح الصهيونية العالمية.
غير ان الملفت للنظر في هذه القضية ان هؤلاء الملوك قد تحركوا خلال الاشهر الاخيرة تجاه لندن. لنسمع في اقل من ثلاثة اشهر خبر انتقال اربعة من اهمهم الى العاصمة البريطانية، بدءا من ابراموفيتش الذي بدأ ترسيخ وجوده وسطوته بشراء النادي الرياضي الاكثر شهرة في بريطانيا وربما في العالم: مانشستر يونايتد، وذلك بعد معركة صعبة مع المليونير العربي محمد الفايد، ووصولا الى بيروزوفسكي (ملخصه: بيريز) الذي وصفت الانباء قبول بريطانيا منحه اللجوء السياسي بمثابة صفعة لبوتين.
وقد كان بيروزفسكي رئيسا لشركة النفط العملاقة (سيبنيف) وابراموفيتش حاكما لمقاطعة شوكوتا وشريكا للاول، لكن نجمه صعد في السنوات الثلاث الاخيرة بحيث تجاوز هذا المعلن. واصبح هو من يقود مصالح ما يسمى بـ (العائلة) عبر التحالف مع ملكين اخرين هما ميخائيل تشيرنوي الذي هاجر ايضا الى بريطانيا، وانطون ماليفسكي زعيم اكبر المافيات الروسية.
هذا التحرك من قبل المليارديرية اليهود الروس باتجاه الخارج، انما يعكس واقعا ذا بعدين: تاريخي وسياسي حالي، حيث ان الصراع بين القوى اليهودية الطامعة الى الهيمنة الكلية على روسيا واذلالها وبين القوى القومية الروسية التي تناضل لاجل استقلالية بلادها وتقديم الانتماء اليها على اي اخر، انما هو صراع تاريخي لم ينقطع منذ اكثر من مئة عام، حتى في ظل الحكم الشيوعي. حيث كان الكثير من التصفيات السياسية والجسدية يتم على هذه الخلفية حتى في صفوف الجيش.
واذا كانت غلبة اليهود قد تأكدت في عهد غورباتشوف وبوتين بشكل وصل حد الانتقام المريع والتدمير الكلي، فان سعي فلاديمير بوتين لاستعادة شيء من الروسية لروسيا، ومن معالم الدولة للدولة، كان لابد له ان يتناقض مع نفوذ المافيات اليهودية الصهيونية، والحل: اما انتصارها من داخل، واما الهرب باموال البلاد الى خارج وتوجيه ضربات قاسية لاقتصاد منهك، وتامين ضغط سياسي على حكم بدأ يحاول استرجاع سيادة الدولة في الداخل كما يحاول استعادة موقع بلاده على الساحة الدولية.
لكن هذا التحليل للسياقات الدولية انما يقود الى الجواب على سؤال لا يقل اهمية: لماذا اختيار بريطانيا بالذات؟
ولماذا تسارعت الامور بهذا الشكل بعد الحرب على العراق تحديدا؟
صحيح ان بريطانيا هي بلاد بلفور والوعد، لكنها رغم ذلك قد تكون من اقل الدول الاوروبية خضوعا للوبي يهودي داخلي يتحكم بشارعها وادارتها، هذا من جهة ومن جهة اخرى فان الحراك الشعبي قبل الحرب وبعدها اثبت ان الشارع البريطاني من اكثر الشوارع الاوروبية قدرة على التحرك بشكل مستقل عن ضغط وتوجيه وخداع اللوبي اليهودي وحتى المجنزرة الاميركية الخاضعة لهذا اللوبي.
اضافة الى ما بدا من احتفاظ النظام القضائي والحزبي والبرلماني البريطاني بالتماسك القومي والاستقلالية والقدرة على التحرك داخليا، وفق مبادىء ديمقراطية عريقة. مما راح يهدد خط توني بلير التابع لواشنطن والخاضع لليهود، بل ويضطره الى المطالبة بحل ما للموضوع الفلسطيني، في محاولة تعويض وتوازن.
واذا ما اضفنا الى كل ذلك بديهية وزن بريطانيا على الساحة الاوروبية، واهميته في التوازن مع المحور الالماني الفرنسي الذي يتقارب مع الموقف الروسي، لرأينا في هذا الهروب المكثف والسريع الى لندن، عملية هجوم كاسح، تهب اليه اليهودية العالمية للسيطرة على بلاد الماغنا كارتا انطلاقا من الاقتصاد وانتقالا الى الرياضة والاعلام والثقافة والتجارة والصناعة وسوق العمل ووصولا الى القرار السياسي.