تنقطع الكهرباء عن شمالي الولايات المتحدة لساعات، فتقوم الدنيا ولا تقعد…
يموت بضع مئات في طائرة بان اميركان، فاذا دية الواحد منهم عشرة ملايين دولار.
ينهار السور العراقي فاذا بحفنة يهود هاجروا من العراق قبل سنين يطالبون بعشرة مليارات دولار تعويضا عن املاكهم..
حسنا..
صعب هو انقطاع الكهرباء، من الظلمة الى القيظ الى البرد الى تعطل جميع وسائل الحياة الحديثة… ولكن هل كان لبنان الذي تعطلت فيه الكهرباء طيلة عشرين عاما، وكلما اعيدت قصفها الطيران الاسرائيلي ذات ليل فنشر الليل من جديد، بلد برابرة لا يستحقون الحياة؟
هل العراقيون الذين ادخلهم الحصار والحرب فرن الاختناق ثم جاء الاحتلال لـ »ليحررهم« من الحياة برميهم في اتون الموت، برابره لا يستحقون الحياة؟
هل كان الفلسطينيون الذين تقطع عنهم الكهرباء، متى اراد المحتل عقوبة، برابرة لا يستحقون الحياة؟
اهم اهل الظلمات، الذين كان رومان الامبراطورية القديمة يعتقدون بأنها تعني كل ما هو خارج الحدود؟
ام ان اهل النور، هم اولئك الذين ابتهج رئيسهم الذي يسم نفسه محضرا محررا للعالم، بانهم لم يفعلوا خلال انقطاع اول امس ما فعلوه قبل اعوام، عندما تحولوا بمجرد نزول الظلام الى عصابات من اللصوص نهبت في ساعات سبعين مليون دولار؟
هؤلاء هم القادمون لتحضير بلاد اول مدنية واول مملكة واول شريعة في تاريخ الانسانية.
اما اموال اليهود في العراق.. فوقاحة لا يعادلها الا خنوع وتخاذل هذا العالم العربي الذي لم تصدر عنه بعد كلمة استنكار تذكر بأملاك العرب الفلسطينيين في بلادهم التي تحول نصفها الى »اسرائيل« ونصفها الآخر الى محتل من قبل اسرائيل. دون ان يعني ذلك بالطبع ان مجرد تعويض الملكيات الفردية يلغي حق الملكية العامة الملكية القومية، ملكية الشعب في تعاقب اجياله لارضه وحقه في السيادة عليها وطنا ودولة.
وفي هذا السياق القانوني، لتقم مقاصة بين املاك يهود العراق واملاك العرب غير الفلسطينيين في فلسطين، ولتفعل قضية التعويضات الفلسطينية مع التشديد على عدم كونها بديلا للحق الوطني او لاغية له.
اما قتلى لوكربي، الذين اسالوا بدورهم لعاب قتلى ضحايا الطائرة الفرنسية، ليس من حيث المبدأ، فقد اعترفت ليبيا بمسؤوليتها وعوضت الفرنسيين، ولكن من حيث (سعر الرأس)، اذ جاء سعر مجموع ضحايا الطائرة الفرنسية معادلا لسعر سبعة اميركيين ونصف.
وبالقياس: اية ملاليم يبلغها سعر الضحية في العالم العربي والعالم الثالث، من ملايين العراقيين الى الفلسطينيين الى السودانيين الى الافغان، الى الآسيويين الى الافارقة؟
ام ان على هؤلاء جميعا ان يحمدوا الله على ان قاتلهم يتكلم الانكليزية او العبرية، وبلكنة احداهما يقول فوق رأس ضحيته: سبحان من أحلك للذبح!
ثم يعود الى دوائر التحليل الاستراتيجي ويسأل: لماذا يكرهوننا؟