المهاجرون!

صحيفة الدستور، 13-08-2003

المغرب تقرر الافادة من الجسم المغترب والاوروبيين ذوي الاصول المغاربية للضغط دولياً في سبيل عقد دورة رياضية على أرضها.

حسناً فالهدف تحقيق مكسب رياضي، اعلامي، اقتصادي وسياحي مهم للبلاد.

واحدى اهم وسائل ذلك هي وضع المغاربة المنتشرين في انحاء عدة من العالم في خدمة مصالح بلدهم الأم وأهدافه.

لكن…

اذا كان العالم العربي، يملك واحدة من اكبر »الديا سبورا« في العالم، اذ يبلغ عدد العرب المنتشرين في اوروبا عشرات الملايين، ومثلهم في اميركا بشمالها وجنوبها، واذا كانت هذه الجاليات تشكل ثقلاً خطيراً في بلدان الاقامة، يتمثل احياناً في البعد الاقتصادي، كما في افريقيا واميركا وبنسبة اقل في اوروبا، وفي البعد السياسي، المتمثل بدوره في شقين: الاول هو القوة الانتخابية للجسم المتكون من المتجنسين من هؤلاء، قوة قد تكون فاصلة في تقرير مصير المعارك التشريعية والرئاسية في دول كثيرة من دول صنع القرار الدولي، وفي مقدمتها ثلاث من الخمس الدائمين في مجلس الامن الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، اضافة الى دول فاعلة على الساحة الدولية كألمانيا.

والثاني يتمثل في دور رأس المال في تمويل المعارك الانتخابية في هذه الدول، حيث للرأسماليين العرب قدرات كبيرة.

هذا عدا عن دول أميركا الجنوبية التي تكاد تكون ذات اغلبية عربية، وحيث تجتمع للمغتربين القوة الديموغرافية والاقتصادية والسياسية.

اذا.. كان كل ذلك… فلماذا تتلكأ دولنا في استعمال هذا السلاح النادر الفعال ولا تتذكره إلاّ في مجال كرة القدم؟

هل اصبحت كرة القدم، اهم قضايانا القومية؟ ام انها القضية الوحيدة »المقدور عليها«؟

واذا ما قارنا هذه الجاليات العربية الضخمة، بالجاليات اليهودية المنتشرة في العالم، وقارنا فعلها بما نسمعه ونعرفه عن دور اللوبي اليهودي العالمي، افلا نتخيل كبار حكماء صهيون، يفركون ايديهم تحفزاً ويبتلعون لعابهم قائلين: آه لو كان لنا مثل هذا!

واذا ما اضفنا الى وزن الجاليات، وزن المال العربي المهاجر مع بقاء أصحابه في ديار العرب، ليتابعوا التسلط عليها واستنزاف ما بقي فيها، او ما ستتركه لهم الاحتلالات المباشرة والمقنعة. أفلا نجد ان الكلام عن فضل المال اليهودي في السيطرة على العالم، هو مجرد كلام تبريري للمقصرين؟

ألا يكفينا ان نتذكر الازمة التي شغلت العالم في العقد الماضي والتي عرفت بازمة البنوك السويسرية، حيث اثار اليهود مطالب تعويضات هائلة من تلك البنوك، تتعلق بالحرب العالمية الثانية، (وكان معظمها سيذهب الى اسرائيل)، وعندما عجزوا عن اثبات المطالبة بالوسائل القانونية لجأوا الى الضغوطات السياسية التي كان اشدها فاعلية وحسماً، تهديد الولايات المتحدة لتلك البنوك، بدفع الاصدقاء العرب الى سحب اموالهم من سويسرا، ولأن ذلك كان قادراً على احداث انهيار مالي مصرفي، اضطرت البنوك الى اجراء تسوية، دفعت بموجبها عشرات الملايين ليهود العالم ولاسرائيل.

هل يكفي ذلك للاجابة عن تساؤلاتنا حول عدم افادة العرب من جالياتنا المهاجرة؟

ام أن ثمة جوابا مكملا هو ان الكلام عن »العرب« يظل كلاماً نظرياً، اذ لا تتفق حكومتان على قضية او موقف من قضية كي تفكرا في توظيف وجود المهاجرين، ومن هنا تسقط المقارنة مع اليهود، فهناك خطة صهيونية واضحة، وحركة منظمة، تعرف تماماً ما تريد، وتتجه جميع فعالياتها نحو بؤرة واحدة: دولة اليهود والانطلاق منها للسيطرة على العالم.

وفي غياب هذا الوضوح في الرؤية والهدف، وهذه الوحدة في التوجه، وهذا التنظيم في الحركة، تظل قوانا المهاجرة، كما كل القوى التي تمتلك، طاقات هائلة مهدورة..

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون