المرأة من الامة بمثابة الشعاع من السراج، ولا يكون الشعاع ضعيفا الا اذا كان الزيت شحيحا.
-جبران خليل جبران-
كنا نرى فيها نكتة، تسيء اكثر مما ترضي، ونوعا من تكريس الدونية والشكلانية بدلا من تحفيز المساواة.
والمقصود تلك المبادرة الى تعيين صحافية رئيسة صورية للتحرير لمدة يوم في العام!
او تلك الحالة التي يقتصر فيها منصب رئيسة التحرير على المجلات النسائية ومجلات الاطفال وما يسمونه »المجتمع« قاصدين به كل ما هو سطحي وتافه وبعيد عن السياسة والاقتصاد والثقافة.
وانطلاقا من الرؤية الواضحة التي لا ترى في موضوع المرأة قضية فئوية، او مشكلة يمكن حلها بذاتها دون ادماجها في سياق الحل الاجتماعي العام والتطور الشامل، كنا نقول دائما ان حصر المرأة في الانشطة والسياقات النسوية هو تكريس للتمييز والتخلف، وان خوضها جميع مجالات التخصص المهني، وفقا لرغبتها واختيارها، هو الطريق الصحيح الى حالة وعي اجتماعي يجعل للمواطن قيمة كونه مواطنا فحسب، وبنسبة تعادل مستوى انجازه واخلاقه والتزامه.. بصرف النظر عن اية اعتبارات جنسوية او طبقية او طائفية او عرقية.
واذا كان تطبيق ذلك فيما يخص النساء، وتحديدا الاعلاميات يعني وصول الواحدة منا الى اثبات كفاءتها وقدرتها بحيث لا تحتاج الى المطالبة بالاعتراف، لانه يأتي تلقائيا عندئذ، ولا تحتاج الى المطالبة بالمساواة لان المساواة قد تصبح في بعض هذه الاحوال اجحافا بحقها، اذ المقارنة بين اداء واداء لا بين تاء التأنيث في هذا التوقيع وغيابها في ذاك.
غير ان متطلبات الواقعية تقتضي الاعتراف ببعض حقائق:
اولها ان ما تحتاجه امرأة لتحقيق ذلك، هو في الغالب اضعاف ما يحتاجه رجل.
وثانيها ان الكفاءات الاستثنائىة هي التي تتمكن من الافلات من دائرة النظرة الدونية.
وثالثها: انه اذا كانت الكفاءة والقدرة كافيتين، مع الجهد، الى فرض الذات في مواقع اعلامية حرة من مثل الكتابة الصحفية فإن احتلال موقع الادارة والقرار في العمل الاعلامي لا يتحقق الا بقرار مؤسساتي او فردي احيانا.
قرار، قد يتطلب اتخاذه جرأة وتقديمة اجتماعية، وقد يؤدي تنفيذه الى تشجيع وتفعيل انخراط نساء في ادوارهن العامة.
شرط ان تكون المختارة على مستوى مسؤوليتها المهنية والعامة.
ولذا، اذكر مثلا كم احتفينا بقرار تعيين فريال زمخشري مديرة للاذاعة، هي التي افنت اكثر من ربع قرن، وباقتدار كبير في خدمة تلك المؤسسة.
كم رضينا لاستعادة الرأي للزميلة لميس اندوني، للمساعدة في عملية التطوير.
وكم يسعدنا الآن قرار الدستور بتعيين الزميلة مها الشريف رئيسة لتحرير ذي ستار.
هي التي عملت في الادارة والتحرير والارشيف لسنوات طويلة، وعملت بجهد وجد على اكتساب مهارة كاتب المقال.
ونعرف ان نجاح اي مسؤول في المؤسسة او فشله، لا ينسحب على زملائه من جنسه، في حين سينسحب نجاح مها على جميع الزميلات وربما على اجواء المؤسسة بشكل عام.