»تهديد العراق لجيرانه«
هذه اللازمة التي تعبنا من الاستماع اليها طوال العقد الماضي، تحولت الآن الى صيغتها الثانية، وهي ان العراق لم يعد يشكل تهديداً لجيرانه، والمهم هنا ليس النفي، الذي هو من باب تحصيل الحاصل، وانما التوضيح الذي انصب على تحديد »الجيران«.
ولعل ابرز توضيح هو ما قاله كولن باول اول امس في مؤتمره الصحافي المشترك مع سيلفان شالوم، عندما اكد على ان الحكومة العراقية المقبلة ستبحث في مصالحها وستسعى الى السلام مع اسرائيل. مضيفاً ان العراق الجديد لن يعود يشكل تهديداً لجيرانه.
مؤكد ان ذلك لا يصب في باب التوقعات بأي شكل. فمنذ اليوم الثاني للحرب كان الموقع الالكتروني لرابطة الدفاع اليهودية يبث رسائل يطالب فيها قادة المعارضة العراقية بالوفاء بالتزاماتهم التي لا تتوقف عند حد الاعتراف باسرائيل واقامة علاقات طبيعية معها، بل تتعدى الى تفاصيل منها منح الجنسية المزدوجة لليهود الاسرائيليين ذوي الاصل العراقي، بحيث لن يكون من الغريب ان يصبح بنيامين بن اليعازر مثلاً وزيراً عراقياً.
لكن البعد الأوسع هو ان سقوط العراق، سيدفع بنظر سيلفان شالوم الدول العربية الأخرى الى اقامة سلام مع اسرائيل.
فهل كانت مبادرة قمة بيروت تمهيداً لذلك؟ ام ان بقية من مصلحة، ان لم نقل من كرامة ستدفع الدول العربية الى عدم الاستجابة الى الغمزات الاسرائيلية والاملاءات الاميركية؟
نقول مصلحة، لأن التحاق جميع الدول العربية بالركب الاسرائيلي – الاميركي، والعالم العربي على ما هو عليه من الضعف، لن يحولنا، حتى الى ما كان يحلم به دعاة السلام من حالة شراكة. بل الى حالة تبعية واستعباد كاملة، فليس الوضع اليوم، هو الوضع الذي كان عليه العرب أيام كامب ديفيد، حيث كانت اسرائيل مضطرة، وبأي شكل الى دفع ثمن خروج مصر من الصف العربي المعادي.
كذلك ليس الوضع وضع بداية التسعينات عندما كانت ادارة جورج بوش الاب تريد تقديم شيء للعرب لقاء الحرب على العراق.
والسؤال/ الرد هنا: هل علينا اذن ان ننتظر ليسوء الوضع أكثر؟
اجل، لأن الوضع سيسوء باتجاه تفاقم المأزق الاميركي في العراق، إنْ على الصعيد العسكري ام السياسي، وسواء هبت اوروبا العجوز الداهية الى مساعدة العم سام، فنشأت نتيجة ذلك توازنات جديدة، ام تخلفت فنشأت ايضاً ظروف جديدة، فان الحالين سيكونان افضل بالنسبة للعرب، الذين بلغ الاستخفاف بهم حد استعمال شالوم تعبير: »ان يأتوا جميعاً اعتباراً من الآن لاجراء مفاوضات مع اسرائيل« بعد أن قال »انهم وطوال سنوات عدة كانوا يخشون ذلك لوجود صدام حسين في السلطة«.