سلاح كل الوطن!…

صحيفة الدستور، 25-05-2003

عبارة صغيرة، ام تذكير بواقع، ام صرخة فيها من الدلالات ما لا يتسع له كل الكلام.

المقاومة ليست حالة مذهبية او فئوية، وسلاحها هو سلاح كل الوطن، صرخ حسن نصر الله بحرقة امس وهو يحيي الذكرى الثالثة للتحرير الذي كسر الاسطورة الصهيونية ليرسي مكانها على الارض اسطورة البطولة الشعبية والاقتدار المقاوم.

صرخته هذه كانت موجهة اولا للبنانيين انفسهم، لاولئك الذين يؤيدون حقا مشروع المقاومة، مطالبا اياهم بواجب الالتفاف حولها، ولاولئك الذين صمتوا مع التحرير، نفاقا، وعملوا في السر على الالتفاف عليه وتدمير المقاومة، هؤلاء الذين نقلوا الى الولايات المتحدة الاميركية تحالفهم مع اسرائيل، وترجموه مأسسة في جمعيتين معلنتين الاولى تحمل اسم: »المجلس اللبناني الاميركي للديمقراطية« والثانية »نيو انغلاندز اميركان فور ليبانون«، هذا عدا عما يمكن ان يكون في الخفاء من مثل ما نشرته مجلة الاكسبرس الفرنسية من ان انصار الجنرال ميشال عون، كانوا مع انصار اسرائيل وراء طرح قانون معاقبة سوريا، الذي طالب بانزال عقوبات بسوريا ان لم تنفذ ثلاث نقاط: اغلاق مكاتب المنظمات الفلسطينية ونزع سلاح حزب الله والخروج من لبنان، اي ان الصفقة عقدت مع الصهاينة على اساس: »نحن نطالب بنزع سلاح حزب الله، في مقابل مطالبتكم بخروج سوريا من لبنان وانهاء نفوذها فيه«.

المطلبان (بل الثلاثة)، قطعا، مطلبان اسرائيليان تتداخل فيهما المصلحة الاستراتيجية الصهيونية مع العقد الطائفية الانعزالية لجزء من اللبنانيين، الذين لم ينفكوا منذ 1943 عن كونهم عصا قذرة للاستعمار والصهيونية.

هؤلاء الذين ارتكبوا وباشراف الضباط الاسرائيليين، اصعب المجازر والتجاوزات خلال الحرب الاهلية، وعندما اضطرتهم نهاية الحرب الى مغادرة البلاد اعادوا لم شملهم في الخارج، برعاية الصهيونية العالمية، لتنضم اليهم مع التحرير فلول المتعاونين من ميليشيات انطوان لحد.

هؤلاء، لم تنقطع كليا امتداداتهم في الداخل، تغذيها العقلية الطائفية الانعزالية التي ازدادت عفونة مع سنوات الحرب، كما زادت هذه السنوات بما اقامته من عزل، من تردي الوعي السياسي والقومي عند الافراد، خاصة الجيل الجديد.

وضع، تبدى صارخا، جارحا، عندما جاءت ردات الفعل في قطاع من المناطق الشرقية على سقوط العراق مبتهجة معلنة، على اعتبار ان هذا السقوط هو مقدمة لسقوط سوريا وحزب الله.

وضع لن تنفع معه الاقنعة، وسياسات النعامة، كما ان اخفاء المرض لا ينفع في علاجه ولا في عدم تفشيه.

وربما لن تنفع معه هذه الصرخة الصادقة العميقة الحارقة من بطل التحرير الوطني وقائده، لا ولا حتى تذكيره بالمسلك الوطني، الحضاري، النموذجي الذي سلكته المقاومة في الجنوب بعد التحرير، حتى مع المتعاملين، الذين ميزت بتسامح واع وعميق بينهم وبين المتعاونين، كما بحالة الامن والانماء التي سادت المنطقة والبلاد بعدها.

لا بد من الاعتراف بان ترسيخ الانتماءات الطائفية، لا يشبه الا الاواني المستطرقة، ارتفاع منسوب واحدها يؤدي الى ارتفاع الآخر،

وان الخلاص من السرطان الطائفي المسيحي، والماروني تحديدا، في شقه الموظف سياسيا لصالح اعداء الوطن، لا يكون الا بالقضاء على الحالات الطائفية الاخرى، وكل منها ذريعة لمثيلتها.

ولا بد من الاعتراف بان الحوار الوطني في نهاية الحرب الاهلية كان يجب ان يفتح على اسس اخرى غير الاساس الطائفي الذي كرسه الطائف، كما ان وجه المقاومة والتحرير كان يجب ان تبرز فيه ملامح التنظيمات والاحزاب العلمانية الاخرى، الى جانب حزب الله، الذي لا يمكن لاحد ان ينكر جدارته وفضله.

كما لا يمكن لمتابع دقيق ان ينكر الضوء الباهر الذي يشع من خطاب قائده، خطاب لا يحمل اي بعد فئوي او طائفي، ولا يضاهيه آخر في صدقه وقوميته وحرقته.

ولكن…

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون