نومون!…

صحيفة الدستور، 18-05-2003

تحت هذا الاسم الذي يمثل ماركة طبية اميركية معروفة، سيطرح في الاسواق خلال عام دواء يعمل على الحماية من الاشعاعات التي يمكن ان يسببها استعمال الاسلحة النووية.

السبب المعلن للوقاية، كما يقول الاعلام الاميركي، هو استباق اعمال ارهابية قد تنفذ في الولايات المتحدة او ضد تواجد اميركي في الخارج، باسلحة نووية.

لكن المنطق التحليلي، المبني على وقائع الحروب الاميركية السابقة، بما فيها الغزو الاخير للعراق، يؤدي الى ان هذا الدواء هو حاجة ملحة لحماية الجنود الاميركيين، عند استعمال قياداتهم الميدانية لاسلحة نووية ضد المعتدى عليه .

فمنذ عام 1991، بدأ في الولايات المتحدة واوروبا جدل كبير ضد ما اطلق عليه اسم »مرض حرب الخليج« الذي اصاب عددا من جنود التحالف الدولي في حينه.. ولم يعد سرا يخفى على احد ان سبب ذلك المرض هو استعمال اليورانيوم ضد الاليات العراقية في الكويت وفي الجنوب .

اعراض الامراض لم تصب الجنود فقط وانما كشرت عن انياب الموت لتعض بها اطفال العراق الذين مات منهم بتأثير ذلك عدد يفوق ضحايا الحرب العسكرية نفسها .

واليوم، يتداول الجميع سر الاسلحة التي استعملت في الغزو الاخير، خاصة في معركة المطار، ويقول جميع شهود العيان انها من نوع غريب، لم يسبق لاحد ان رأى مثيلا لفعلها .

صحفيون يابانيون، حملوا معهم الى بغداد اجهزة لقياس درجة الاشعاعات وقالوا بأن ما سجلوه كان نسبة مخيفة لا يحتاج تأثيرها المدمر لاكثر من اسبوعين، فكيف الحال اذن بالنسبة لمن يعيشون هناك؟

لكن ذلك ليس بالامر المفاجىء، فمنذ عام 1997، بدأت مؤسسة ابحاث الاشعاعات في الجيش الاميركي المعروفة باسم (افري)، والتي تعتبر اليد اليمنى المسلحة لوزارة الدفاع في هذا المجال بالعمل على دراسة هذا الموضوع عبر مختبر انشأته تحت اسم هوليز ايدن، وقام بوضع برنامج كامل للبحث.

وفي عام 2002 وقعت المؤسسة عقدا مع المؤسسة الاميركية للدواء (QME) التي تتكفل بالحصول على اجازة بيع الدواء من ادارة الاغذية والمخدرات (F.D.A) ، وذاك ما يحتاج الى خمس سنوات في العادة، وقام الجيش بتخصيص ثمانية ملايين دولار لتطوير هذه الابحاث.

والنتيجة، عرضتها المؤسسة في اللقاء العلمي الثالث والاربعين للجمعية البريطانية الدوائية في غلاسغوي في ايكوسيا، بعد اجراء التجارب على الفئران، كالعادة.

لا.. ثمة فئران تجارب اخرى، تجري عليها الامبراطورية تجاربها، هي شعوب العالم الثالث، البرابرة الجدد،الذين يذكرون بأن الامبراطور مارك اوريليوس الذي اعتبرته روما رمز العدالة لمواطنيها، كان يأمر بصب الرصاص في حلوق الاسرى من البرابرة.. لمجرد كونهم كذلك .

لكن روما، التي وقفت تتفرج يوما بفخر وتشف على احراق قرطاج، ذهبت هي نفسها طعما للنار وعلى يد امبراطور مجنون من ابنائها…

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون