رئيس تحرير احدى الصحف العربية الكبرى، قال لي قبل ثلاثة اسابيع: لدينا معلومات بان القيادة العراقية وقعت كلها في الاسر، ولكن اعلام الحرب لن يعلن الخبر الا بالتدريج، فكل بضعة ايام يعلن عن واحد.
الى اي مدى يمكن ان يكون هذا التقرير صحيحا، ونحن نتلقى فعلا، واحدا اثر الاخر خبر اعتقال هذا المسؤول او ذاك، واخرهم هدى مهدي عماش التي ما زالت اذكر حديثها المطول عن المعاناة التي عاشتها مع المفتشين الذين استجوبوها عشرات المرات دون ان يتوصلوا الى اية ادانة؟
لا يستطيع واحدنا ان يتكهن بشيء لكن جنرالا اميركيا مخططا لاعلام الحرب هو الجنرال هندرسون، نشر عام 1991 دراسة بعنوان: »كيف تتعامل مع نبأ سيىء خطير؟
ورد بالقول: »هناك ثلاثة مبادىء اساسية:
- بان تحفف من وقعه.
- بان تقدمه وكأنه حادث معزول، وقع بطريق الخطأ الذي يمكن تفسيره ضمن فوضى الحرب.
- بان تمرره عبر »فلتر« مضبوط تماما، اي على مدى عدة ايام او عدة اسابيع، كي تتجنب صدمة سلبية كبيرة.
ولا يحتاج اي مشاهد تلفزيون او قارىء صحيفة في هذا العالم العربي المحكوم بـ »الانباء السيئة« لكثير من الجهد كي يتبين التطبيق العملي لهذه المبادىء الثلاثة. واذا كان ثمة سؤال مفاده: هل ينطبق المبدأ الثالث مثلا على اعتقال القيادة العراقية؟ فان هناك مبدءا اخر معروفا في الحرب الاعلامية الاميركية هو انه لا بأس من انكشاف الحقائق المخفية بعد مرور فترة على تحقيق الاهداف المقصودة من اخفائها. وليس اكثر من الامثلة على ذلك خاصة ما يتعلق منها بالمجازر الاسرائيلية في فلسطين ولبنان، وفي فضائح الارتكابات الاميركية في آسيا.
فأية حقائق مخفية ستكشفها لنا السنوات القادمة – وبالتدريج – عن العدوان الاميركي على العراق هذا الذي جعل رئاسة الاركان الاسرائيلية تقول بان عام 2003 هو اهم لاسرائيل من عام 1948.