ثأر ام حرب وقائية ضد فرنسا!

صحيفة الدستور، 29-04-2003

كي لا نجد انفسنا، كعرب، وحيدين في مواجهة اية ازمة تواجنها!

كي لا يحجم اي طرف دولي عن مساندة اية قضية من قضايانا!

كي لا نحرم نهائيا من اية فرصة للمناورة الديبلوماسية، مهما يكن الموضوع المطروح!

كي لا تقف الصهيونية، بل والصهيونية الاصولية الراديكالية الاصولية الممتدة من رابطة الدفاع اليهودية وكاهانا حي الى شاس وكاخ والليكود، فوق جسدنا الملقى ارضا وترفع قدمها مهددة بسحق رأسنا ان لم نرضخ بدون شروط لكل ما تمليه! علينا ان نفعل شيئا لاجل فرنسا. لا محبة ببلاد شارل ديغول، ولا انحيازا الى الفرانكوفونية، بل ولا من باب اخلاقيات الوفاء لموقف حاول ان ينصرنا، بل ومن باب المصلحة المتحسبة للمستقبل.

للمستقبل، اجل، وليس للماضي الذي ما اسرعنا لاحتساب كل لحظة عبرت للتو، كجزء منه، بل واعتبار الحاضر جزءا منه.

ريتشارد بيرل، الصهيوني الليكودي، مستشار بنيامين نتنياهو ورئيس لجنة العراق التابعة لحكومته عام 1996، مهندس البنتاغون وسياسياته الحالية اطلق صفارة الانطلاق في الحملة الامريكية – الصهيونية ضد فرنسا، وحدد السبب بنقطتين واضحتين:

موقف فرنسا من الشرق الاوسط، وسعي باريس الى قيادة اتحاد اوروبي مستقل عن الولايات المتحدة.

هكذا وبكل الفجاجة التي حاول توني بلير تلطيفها بالخبث البريطاني المألوف حين عدل التعبير الثاني بالقول انه ليس لاوروبا مصلحة في الاستقلالية وانها يجب ان تكون حليفة للولايات المتحدة.

لكن..

المهم: نحن في العالم العربي، اذا ما كان هناك بقية من هذه النحن. ما هي مصلحتنا بالنسبة لموقف فرنسا من الشرق الاوسط؟

وما هي مصلحتنا بالنسبة للاستقلالية الاوروبية؟

في النقطة الاولى، يترجح صوت حسن نصر اللّه في افتتاح المؤتمر العربي الاسلامي في بيروت، قبل ايام، قائلا: »ان المقصود في كل استهداف يحصل في العالم العربي، هو فلسطين: فإذا ما تعرض العراق او سوريا او حزب اللّه او السعودية او مصر او… او… الى ضرب او ضغوط فإن المقصود النهائي هو فلسطين، لان استتباب المشروع الصهيوني في فلسطين يعني تحققه في كل المنطقة بل والعالم.

لذلك فإن المقصود ايضا بالحملة التي تشنها وزارة الدفاع الامريكية ومعها الصهيونية العالمية على فرنسا، ليس الثأر للموقف من العدوان على العراق، بل قطع الطريق على اي موقف قادم من خريطة الطريق، بل ومن بقية الخطة المهيأة لفلسطين وكامل المنطقة.

انها حرب وقائية ولكن على الصعيد الديبلوماسي.

وفي السياق ذاته تندرج النقطة الثانية، اي دور فرنسا في قيادة خط استقلالية اوروبية.

فالولايات المتحدة لا تريد استقلالية لانها لا تريد حليفا، بل تابعا، ولا تريدكتلة اوروبية موازية لها قد تتمكن من اتخاذ مواقف معارضة بشأن القضايا الدولية القادمة، مواقف قد تعرقل الخطط الامريكية -الصهيونية، كما كاد ان يحصل بشأن العراق.

واذا كانت السياسة الامريكية – الصهيونية – البريطانية تضع على قائمة اهدافها اخراج فرنسا، وللسبب نفسه من منطقة الشرق الاوسط، والعالم العربي، فإن الاهداف المقبلة بعد العراق »عسكريا او سياسيا« هي اهداف تعتبر قواعد للديبلوماسية الفرنسية خاصة سوريا ولبنان.

لذلك تريد هذه السياسة شل اليد الفرنسية قبل ان تمتد لمساندة هذه الاهداف.

على ان سوريا ولبنان ليسا الوحيدين اللذين يحتاجان الى وجود توازن دولي، ولو جزئي في المواجهات القادمة، بل ان ذلك ما يحتاجه الجميع من الاكبر الى الاصغر، من مصر الى قطر ومن السعودية الى الاردن و من المشرق الى المغرب، بل ومن ايران الى تركيا وسائر آسيا.

انها مصحلة لا عواطف تلك التي تفرض على الجميع مساندة فرنسا وتحديدا الخط الديغولي – الشيراكي في فرنسا، ازاء الحملة المتكالبة التي يتعرضان لها.

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون