معرفة محدودة وغير عميقة

صحيفة الدستور، 22-04-2003

»لا يحتاج المرء ان يحمل دكتوراه في العلاقات الدولية كي يحكم الولايات المتحدة. فترومن وريغن اللذان كانا فعالين جداً، لم يكونا يعرفان الكثير عن العالم. لكن كانت لهما غريزة جيدة وفريق قوي وصلب. وبوش ذو معرفة محدودة وغير عميقة. لكن الصحافة الاوروبية ارتكبت خطأ كبيراً بالتقليل من شأنه، بوش لم تكن لديه على خلاف فريقه، عقيدة واضحة بالنسبة للسياسة الدولية. الى ان جاء 11 سبتمبر. لقد ولد بوش من رحم ركام مركز التجارة العالمي.

وهو يرفض ان تكون الولايات المتحدة تحت رحمة المتطرفين. لذلك كانت حرب العراق بالنسبة له، حرب وجود. انها المرة الاولى التي تحارب فيها واشنطن لانقاذ صورة ولايات متحدة لا تقهر«.

بهذا الكلام رد سيمون سيرفاتي على سؤال: ما هو تقييمك لجورج بوش؟

رد يكتسب اهمية كبرى من كون سيرفاتي هذا استاذاً معروفاً في العلوم السياسية، ومديراً لمركز الدراسات الاستراتيجية الدولية في واشنطن، و… يهودياً مؤيداً لاسرائيل ومنتمياً الى اللوبي الصهيوني في اميركا.

الرئيس الذي لا يعرف شيئاً كبيراً، والفريق الصلب القوي، الذي يعرف كل شيء، ويمتلك الخطة، الرئيس الذي لا يمتلك عقيدة مسبقة واضحة.

والفريق الذي يمتلك كله عقيدة متصهينة، فافراده اما محافظون جدد، واما مسيحيون متصهينون، واما يهود صهاينة.

نقول هذا، لا من باب التجني والشتيمة بل من باب التحليل البحت والاقرار بواقع الامر الذي تكشف عنه الاسماء واحدا واحدا باستثناء كولن باول الذي تشير جميع التقارير الى ان تنافسه مع رونالد رامسفيلد وبول وولفووتيس على »اذن الرئيس« ينتهي دائما لصالح اسياد البنتاغون، ولا يكون امام الديبلوماسي الا الانصياع، هذا الانصياع المرغم الذي عرف به العسكري الاسمر منذ حرب فيتنام، وحدده هو نفسه عام 1991 بقوله: »لقد علق الرئيس هدفه على راداره« اي ان معارضته هو كرئيس للاركان، للحرب ضد العراق، تتوقف عندما يتخذ الرئيس قراره بشنها.

وهذا الانصياع العسكري هو ما حمله معه الرجل الى المجال الديبلوماسي.

نقطة ثانية، مهمة في جواب سيرفاتي: بوش ولد من رحم 11 سبتمبر. هذا جيد، ولكن الذي كانت له مصلحة في اعادة انتاج الرئيس، »ذي المعرفة المحدودة وغير العميقة«، بالطريقة التي تجعله مقتنعا بانه يدافع عن اميركا كلها، وان حربه ضد العراق هي حرب وجود؟

صاحب هذه المصلحة، هو الذي يمكن ان يكون صاحب خطة تدمير منهاتن، بالطريقة التي حصلت بها.

واما الاشارة الى خطأ الصحافة الاوروبية التي قللت من شأنه، فلعلها اشارة الى اسلوب نفسي معروف، طالما تستعمله الامهات البسيطات في تحفيز الولد على القيام بأمر صعب، عبر تحديهن له: انت لا تستطيع فعل كذا… ودعني ارى اذا ما كنت تقدر ان تفعل كذا…

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون