حاضنا سنبلة الوقت
ورأسي برج نار
ما الدم الضارب في الارض وما هذا الافول؟
قل لنا يا لهب الحاضر ماذا سنقول؟
مزق التاريخ في حنجرتي
وعلى وجهي امارات الضحية
ما امر اللغة الآن..
وما اضيق باب الابجدية!
ادونيس
1982
،1982 ،1991 2003
والقصيدة سارية المفعول، الى مدى غير منظور في الآتي، كما في مدى ادارة قرص الاسترجاع »الفلاش باك«.
القصيدة بين حافة الجرح وحافته الاخرى ترتحل، وتقشعر للعظم العربي في قاعه، ابيض كالموت مكشوفا كالحقيقة.
ونحن شعب يخسر مدن روحه ليكسب قصيدة، يخسر الحياة ليهرق الكلام.
هل نحن فعلا، كما تغري ساعة اليأس، شعوب قصيدة غنائية وكفى؟
لساعة اليأس سوادها، وظلمها، لكن للحقيقة حقها وعدلها.
فليست الشعوب هي التي تعلن افلاسها، مرة تلو اخرى، بل هي القيادات المحلية والتآمر الاجنبي.
الشعوب، هي التي دفعت في مختلف اقطارنا، منذ الاستعمار العثماني وحتى الآن، تضحيات نضالية لم يدفعها اي شعب في العالم من شهداء عصر النهضة، الى شهداء الثورات، الى شهداء الحروب، الى كاميكاز المقاومة.
لكن السؤال يظل: لماذا لم يكن لدمائنا الثمن الذي استحقته دماء الاخرين؟
الان انساننا ارخص ثمنا واسهل موتا؟
ام لان عدونا اكثر شراسة وقوة؟
ام لان ما نطلبه اشد استحالة؟
ما نطلبه هو الحد الادنى مما طلبته فرنسا بثورتها، والمانيا او ايطاليا بوحدتهما، او روسيا بستالينغرادها، او حتى الولايات المتحدة في حرب استقلالها.
عدونا..؟ شرس دون شك.. لكن الامر هو ثمن انساننا، فمن لا يكون له ثمن في زمن السلم لا يكون له ثمن في زمن الحرب، ومن لا تصان قيمته في الحياة لا يمكن ان تصان في الموت.
والشعوب التي تستلقي ساهمة تحت بسطار قيادات لا تملك نزرا من مقومات القيادة، تستلقي بائسة تحت سلاسل مجنزرات سيد هذه القيادات نفسها.
بالامس وزع حجاج كاريكاتورا على الانترنت، يمثل بغداد صبية تغتصب على يد عسكري اميركي، وحولها العرب: واحد يمسك بها، يثبتها له، واحد يتفرج، واحد يحمل الميكروفون، والاخر كاميرا، وواحد يضع كفيه على عينيه كي لا يرى.
فأي عرب هم هؤلاء؟!
الحكام؟
اجل، ولكن ماذا فعلت الشعوب غير ذلك؟
ماذا فعل الاعلام الذي شكل ساحة معركة رئىسية في هذه الحرب؟
حمل الكاميرا والميكروفون كي ينفذ الخطة الاعلامية الاميركية.
ألم نكن كلنا منشغلين بقصف مكتب الجزيرة، وحصار »ابو ظبي«، وقصف المريديان، عندما كان عشرات الالاف من الجنود العراقيين يتحولون في ثوان الى هياكل عظمية، وكانت قيادة كاملة تغتال على يد معتد يسمي نفسه »محررا«.
وليذهب من لا يصدق الى الجحيم.
فكيف لا يكون الرأس برج نار؟