لم يكن القناع الا شفافا بحيث لا يحجب اي ملمح من ملامح الحقيقة، لكنه كان كافيا ليعطي ذريعة لمن لا يريد ان يرى. فعندما وقفت اسرائيل في العلن خارج الصراع الامريكي – العراقي عام ،1991 لم يكن احد في العالم يجهل ان ما سمي بضبط النفس آنذاك، كان جزءا من الخطة التكتيكية الضرورية لعدم احراج الدول العربية، ولاكتساب رضى الدول الغربية والحصول على التعويضات. بل وللحفاظ على امكانية الاستمرار في لعب الدور الاساسي في مستقبل الصراع.
وكان من اهم من نظر لهذا الموقف واقنع الادارة الاسرائيلية به، رجل يشغل اليوم منصب نائب وزير الدفاع الامريكي، ويعرف بأنه اشد دعاة الحرب.
واذا كان بول وولويتش، اليهودي البولوني، الذي عاش فترة في اسرائيل، ويحمل جنسيتها، قد نجح يومها في تأمين مصلحة دولة اليهود، فهو قد نجح ايضا في تحويل وزارة الدفاع الامريكية لا الى وزارة يهودية فقط، بل الى وزارة اسرائيلية حيث ان ثلاثة من المسؤولين الرئيسية فيها كانوا يعملون في حكومة بنيامين نتنياهو عام ،1996 كلجنة استشارية مكلفة بالملف العراقي. واليوم، يظل التنسيق وثيقا بين هؤلاء وبين الحكومة الاسرائيلية التي ما تزال ليكودية. لكن ما اختلف هو علنية هذا التنسيق، والدور المباشر الذي تضطلع به اسرائيل في الصراع.
فريق عسكري امريكي سيصل الى اسرائىل ليجعل من غرفة العمليات في قيادة سلاح الجو مركزا له. ورئيس ما يسمى بمجلس الامن القومي الاسرائيلي في واشنطن لبحث مستقبل المنطقة، ما بعد الحرب، مع المسؤولين الامريكيين، ولينسق مع رئىس جهاز المخابرات المركزية الامريكية.
فماذا يعني التمركز في غرفة عمليات سلاح الجو؟ رصد هجوم عراقي على اسرائيل، يقول المعلقون، في اقصى حدود الاستخفاف بعقول الناس. فهل ان اسرائيل عاجزة عن رصد ذلك؟
وهل ان سلاح الجو الاسرائيلي الذي التصق تفوقه بذاكرتنا اطفالا منذ عام ،1967 قاصر عن دور دفاعي محض؟
بل هل ان العراق ما يزال قادرا على توجيه صواريخ الى فلسطين المحتلة؟
ام انها حرب اسرائيل الحاسمة كما هي حرب الولايات المتحدة ولذلك فإن ترتيب خريطة واوضاع المنطقة بعد العمليات العسكرية هو شأن يقوم به الطرفان معا.
وكل ذلك خبر عادي تنقله وسائل الاعلام وتتناقله نشرات الاخبار العربية كأنه خبر ساحل العاج.
لم يعد الامر تنسيقا بل وصل حد التماهي، والادق القول انه كشف النقاب عن وصوله. ورغم ذلك فما لجرح بميت ايلام!
هل يعقل اننا متنا الى هذا الحد؟!