الصدمة والتراجع!

صحيفة الدستور، 01-04-2003

قبل اسابيع كتب عاموس عوز مقالاً في لوموند يعرب فيه عن معارضته للحرب ضد العراق، لا خوفاً على بغداد ولا على الجيش الاميركي وانما على اسرائيل.

عوز قال ان دولته اليهودية لم تعد تحتمل مزيداً من الكراهية.

إذن فهو لم يكن يمانع فيما لو حصلت هذه الحرب دون ان يبدو واضحاً أن اليهود الصهاينة في الادارة الاميركية هم صانعو قرارها.

لكن صقور اللوبي اليهودي، لم يكونوا يعبأون بهذا التخوف، من وولفوويتش الذي يلقب بصاحب »هاجس العراق« ريتشارد بيرل، الذي يرأس اللجنة الاستراتيجية في البنتاغون، والتي كانت بأعضائها الثلاثة لجنة استشارية تابعة لحكومة نتنياهو في اسرائيل عام 1996 تحمل اسم: لجنة العراق.

مروراً بما بين هذين من يهود صهاينة او مسيحيين متصهينين.

(ولا نقول مسيحيين – صهاينة، كما هو شائع لأن هذا الدمج لخلق اسم مركب هو قضية بالغة الزيف والخبث والخطورة).

ونجح المخطط الصهيوني، ودخلت الولايات المتحدة الحرب العدوانية، برئيس ساذج لكنه دموي، ومتحجر ككل المغفلين. وتحالف ثلاثة لوبيهات لا علاقة لمصالحها بمصلحة الانسانية بمن فيها الشعب الاميركي نفسه. وادارة لم تكن مستعدة لأن تسمع حتى لخبرائها العسكريين بمن فيهم قائدا المارينز واليو إس آرمي، اللذان عبرا في صحيفة الواشنطن بوست صراحة عن معارضتهما للحرب.

فما الذي حصل؟

في عشرة أيام تحول صدام حسين الى »ايقونة« وتحول شعار »الصدمة والرعب« الى شعار »الصدمة والتراجع« كما قالت لوموند في افتتاحيتها امس.

ولكن ما يقوله المواطن العربي أكثر من تحليلات لوموند: ما حصل هو سقوط الأقنعة، وارتفاع صوت الشعوب، وتحرك المتطوعين العرب الى العراق هاتفين: »بالروح بالدم نفديك يا بغداد!« لا »يا صدام حسين«.

فهذا الانسان العربي الذي اعتقد حملة المطارق وقاطعو الارزاق وعلى رأسهم الدولة العظمى، ان تدجينه قد اكتمل، هو مواطن قد اكتمل شحنه وينتظر جبهة تفتح ليسمع عليها صراخ دمه.

القضية أكبر من رجل، وأكبر من نظام، هي قضية هذه الكرامة العربية التي لم يبق احد إلاّ ولطمها، دون أن تعطى مرة، فرصة حرب حقيقية تعبر فيها عن نفسها. وإذا كان المسيئون قد جهدوا في اقناعها بسكن الثلاجات، فان رقعة صغيرة وحفنة من الرجال في جنوب لبنان او في ثلث فلسطين، قد اشهرت اللهب، وشمس الثقة.

والآن أياً تكن النتيجة العسكرية فان الفشل السياسي والديبلوماسي والاعلامي قد نشر جناحيه فوق رأس العم سام.

ولذلك رأينا الثعلب ريتشارد بيرل يستقيل، ولا نستبعد أن نرى آخرين من رؤوس الأفعى الصهيونية يتبعونه.. وربما رأينا فيهم غداً من يخرج رافعاً راية المعارضة للحرب.

فاميركا السيدة مطية جيدة، أما الفاشلة فعبء ينفضونه عن الكتفين.

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون