هي الاسطورة، بدأت من هناك »كل شيء بدأ في سومر« كتب كرومر الالماني يوما، وكانت الاسطورة احد بنود هذا الكل، قبل التوراه، وقبل الالياذة بمئات وآلاف السنين، حفرت الايدي السمراء العتيقة الواح »الاينوما ايليش« اول ملحمة – اسطورة في تاريخ البشر.
»اينوما ايليش« كلمتان تعنيان بالعربية »عندما في الاعالي« ومن هناك، من تلك الاعالي جاء انتقام القدر لحلم عراقي تجسد يوما باسم اوزيراك.
ولان في عروقنا ارثا لا فكاك منه لبعد الفي بعيد من الايمان بالقدر الاسطوري، فان ثمة نبضا تلقائيا سريعا يتحرك امام سقوط مكوك كولومبيا، بل امام انفجار تطايرت منه اشلاء تحمل جينات اليد التي فجرت يوما محاولة بغداد لبناء توازن قوى، لا يقبع فيه العرب تحت مائدة التاريخ.
في ايقاع التاريخ، لا تشكل المسافة الزمنية القائمة بين قصف تموز، وانفجار كولومبيا، الا لمحة، تكفي للانتقال من الاب الذي حمل حلمه العنصري وحقده الاستيطاني من زاوية ما في هذا العالم الى فلسطين، ومنها حمله هذا الحقد الى تدمير الحلم العراقي، الى الابن الذي اراد ان يحمل حلم اسرائيل الى الفضاء الخارجي في لحظة يتهيأ فيها التحالف الاميركي – الصهيوني لحملة تدمير اخرى لتلك الاسطورة المزروعة بين نهرين، كما نخيلها ونبت اهوارها.
هو ذلك الصراع، بين يهوه وتموز، العتيق قدم تشكل خطوط الحضارة الانسانية، وخصوصيات كل منها، والحاد العنيف بقدر تناقض تلك الخصوصيات.
فبين دجلة والفرات، فسيفساء من تاريخ: اعراق واديان واثنيات اذابها الزمن الالفي في جسد واحد اسمه شعب ووطن وخط حضاري باهر، وعلى جميع ضفاف العالم، نبت شيطاني من بشر تمردوا وحدهم على قانون البشرية في التعايش والاندماج وتشكل المجتمعات والامم والشعوب ليصروا على انتماء عنصري لعرق او لدين، لا يقبل معه آخر ولا اختلاف، وعلى بناء مجتمع ودولة احاديين كما لم يعد موجودا منذ سقوط النازية وسقوط نظام الابارتايد.
في مفصل من قمم الصراع ركب يهوه الغيوم الى القضاء على تموز، كان هذا الاخير يعيش سنوات القحط في العالم الاسفل، ويحاول صعود درجاته الى السبع المخصبة، نجح ودفع به الى الظلام مرة اخرى، لكن ثمة انتقاما خفيا سحريا تسلل من هناك، الى سماء بعيدة بعيدة ليقول ان للشعوب ذنبها ودمها، عليكم وعلى اولاكم..
قد تكون روح عشتار، الباحثة ابدا عن اعادة تموز الى الحياة، هي »القوة المخصبة« التي لا يطالها الموت حتى ولو طال »فعل الخصب«، كما في روح الاسطورة.
وقد تكون روح بعل، ذاك الذي حمل وحده لقب »راكب الغيوم« في اساطير كنعان..
او ليس اسم البقعة التي سقطت فوقها الاشلاء »بالستاين«؟