هل تكون الحرب المقبلة هي المنقذ؟ المنقذ للولايات المتحدة الامريكية، التي قد ينفعها تصدير الازمة الى الخارج من تنفيس احتمالات الاحتقان التي تضخها الازمات الراهنة؟
وضع اقتصادي يتدهور: البطالة تسجل خلال الشهرين الاخيرين، ارتفاعا بنسبة 6%، المدخرات التقاعدية تنهار كجبل ثلج، ومثلها تنهار شركات ضخمة في اكثر من مجال. رغوة الاستياء تتصاعد في صدور المواطنين فيما يعبر عنه استطلاع اجرته مؤخرا غالوب يو اس توداي، حيث تراجعت نسبة الراضين عن الوضع من 65% الى 48%.
الحريات تتدحرج بدورها، بل ان قوانين وتدابير قمعها هي التي تتدحرج ككرة ثلج سريعة.
وتصل التدخلات حد اجبار البنتاغون المدارس والكليات على تزويده بالعناوين الشخصية لكل طالب تجاوز الخامسة عشرة.
وذكريات حرب فيتنام، تعود الى اذهان العائلات والتجمعات التي تخشى على اولادها..
ورغم ذلك.. ورغم امور اخرى كثيرة، يفوز الجمهوريون في الانتخابات البرلمانية ويمنحون الرئيس بوش اغلبية لم يتمتع بها منذ وصوله الى السلطة.
اهو مرض الانفصام اصاب المواطن الامريكي؟ ام هو امر آخر يصعب تفسيره؟
لا هذا ولا ذاك، بل وضع اختصره بيل كلينتون بجملة :»الامريكيون قلقون، وعندما يصاب شعب بالقلق، فإنه يفضل من يظهر امامه بمظهر القوة، حتى ولو كان يعرف انه على خطأ، على من يظهر امامه بمظهر الضغف حتى ولو كان يدرك انه على صواب«.
لكن الملفت للنظر ان القلق الذي يحرك ابناء العم سام، هو القلق الامني وحده، وليس القلق الآخر، الاقتصادي او القيمي. فهل ان المثل الشعبي العربي »الفزع بيطير الوجع« هو افضل ما يفسر الحالة الامريكية.
وفي هذا الوضع يصبح المطلب الرئيسي لمن له مصلحة في استمرار التمويه على الوجع، هو استمرار وتصعيد الفزع.
هكذا يمكن فهم الهستيريا التي تمارسها جميع وسائل الاتصال الجماهيري الامريكية، اضافة الى الادارة السياسية والامنية، لزرع الرعب في قلوب الناس. رعب يصل حد نشر فكرة ان العراق يهدد امريكا. اما كيف؟ وهل ان ذلك منطقي وممكن؟ فسؤال ترد عليه هذه الدوائر بأن الرئىس لا يستطيع لاسباب امنية الاجابة عنه. لكنه يمتلك المعلومات والحجج ولذلك لا بد من الثقة بالرئيس دون اسئلة.
ومن لم يقف.. فهو متهم في وطنيته.. الم تخسر المرشحة الديمقراطية عن ولاية نيوجرسي، مقعدها في الكونغرس، لانها دعت الى التمييز بين العراق والقاعدة كما دعت الامريكيين الى وطنية تتخلص من الشوفينية، فسارع المرشح الجمهوري الى اتهامها بانها غير وطنية. وسرى الاتهام بحيث سبب مضايقات لولديها الصغيرين مما جعلهما يضعان اعلانا مدفوعا في الاذاعة يقول »بلى امنا وطنية«.
عشرات الامثلة تؤكد التحاق بلد تمثال الحرية بالعالم الثالث، ولصالح مجمع صناعي عسكري ولوبي نفطي ولوبي يهودي. واذا ما ادركنا وضوح تغلغل اللوبي الاخير في الاولىن، بل وسيطرته عليهما لادركنا كيف تقود هذه الهيمنة الولايات المتحدة نفسها الى دمار، ولو بعيد المدى.. ولكنه ليس دمارا تفجيريا، بل من ذلك النوع الذي تمارسه الطفيليات، التي تنبت على جسم شجرة خضراء فتروح تمتص نسغها بحيث تكبر هي وتخضر، وتيبس الشجرة تدريجيا.
لكن المهم في الامر، ان كل ذلك يتم على حسابنا نحن، وان هذا التداعي الامريكي ليس الا توظيف جميع الامكانات الامريكية الهائلة لبسط السيطرة اليهودية على العالم والاسرائيلية علينا.
وعندها لن يجد هذا المتربع سعيدا مشكلة في نقل البندقية من الكتف الامريكية الى الكتف الاخرى الناشئة. كما نقلها من الكتف البريطانية، والفرنسية الروسية الى الامريكية.