موسى والحوار!

ثقافة، فنون، فكر ومجتمع، 29-11-2001

اكثر من نقطة مهمة، وضع يده عليها امين عام الجامعة العربية وهو يدعو الى مؤتمر القاهرة حول »حوار الحضارات« ليس اقلها التحرك نحو استراتيجية عربية هادفة للتوجه الى الاخر خاصة الى الغرب سواء للشرائح التي ترفض نظريا صراع الحضارات او ترفض النظر الينا من خلال ذلك كشعوب لا يمكن ضبطها الا اذا اعيد استعمارها او للشرائح الاخرى التي تتبنى هذه النظرة والتي تجعل سلطة اميركية تعتقل مجموعة من الطلاب العرب وترحلهم لمجرد انهم اجتمعوا عشرة في بيت احدهم، وعندما يطلب واحد منهم طبيبا يرسل الى عيادة بيطرية.

استراتيجية تأخذ في اعتبارها الطاقة البشرية العربية الموجودة في الخارج، اي في هذه المجتمعات نفسها والدور الذي يمكن ان تلعبه، كما تنتبه الى تفاصيل هامة منها دور اساتذة الجامعات الغربية في رسم صورة العربي والمسلم.

واذا كان الامين العام يعترف بأن هناك قصورا عربيا شديدا في هذا التصدي ويبادر الى هذا المؤتمر كي يكون في اساس خطة تطوير الجامعة العربية واعادة بنائها فإن ذلك ما يذكر بالمثل القائل »خير ان تصل متأخرا، من الا تصل ابدا« ذاك ان الدوائر الصهيونية والمعادية للعرب تعمل على هذا التشويه منذ عقود طويلة بشكل استراتيجي ممنهج ومدروس، والمشكلة ليست فقط في عدم وجود من يتصدى لذلك بل في ان بعض العرب يساهمون فيها عن غير قصد، اما من خلال الصورة السيئة التي يقدمونها من انفسهم في الغرب نفسه واما من خلال ما يقوم به الكثيرون من »المثقفين« في الاستجابة للشرط المعادي طريقا للوصول بسرعة الى المنافع الذاتية فكم من كاتب وكم من استاذ جامعي عربي وكم من اعلامي وكم من باحث ادرك ان شرط التشويه هو شرط ارضاء المؤسسات الجامعية او الثقافية او مؤسسات الجوائز او الجنسيات والاقامات او التمويل الاجنبي او الاعلام الذي يلمع ويبرز فأسرع يلبي ذلك الشرط ويحصد النتائج واذا ما انتبهنا الى ان اللوبهات اليهودية تعمل بشكل حثيث على السيطرة على جميع هذه المؤسسات المذكورة فإن »ذكاء« هؤلاء الوصوليين العرب يقودهم وبسرعة الى ان أضمن طريقة للوصول هي ارضاء اليهود. نقول هذا، لا من باب التنظير والتطير وانما بناء على المعرفة المباشرة والتجارب والاسماء والشواهد معروفة وغزيرة.

ولكن هل يعني ذلك ان ما يهدف اليه امين عام الجامعة العربية مستحيل؟

بدون شك لا.. حتى ولو كان هذا الواقع يجعل المهمة اصعب، لكن صعوبتها تنتاقص اذاما وعينا الساحة جيدا ووعينا الخطاب الذي يفترض ان نتبناه جيدا وعرفنا لمن نمد ايدينا دون ان نقع في الخلط بين يد حقيقية ويد ترتدي القفاز المناسب والاهم اذا ما عرفنا كيف نبني استراتيجيتنا.

انها حرب حقيقية يعلنها عمرو موسى وحرب عالمية ندخلها بعقولنا وألسنتنا بمخزوننا الحضاري الكبير الذي يفترض ان يترجمه وجهنا، وان يفرض احترامه على العالم.

عام 1996 كان بنيامين نتنياهو ينشر كتابه »امن وسلام« ويقول فيه ان العنف والارهاب العربيين ليسا نتيجة الظروف الحالية وانما هما طبيعة متأصلة في الذات العربية والارث الاسلامي.

كما يركز فيه على ان عداء العرب للغرب ليس بسبب قيام اسرائيل بل ان عداءهم لاسرائيل سببه انها بلد ديمقراطي عربي.

يومها لم يصدر رد عربي على ذلك ولكن قبل ايام كان شليسنجر نفسه يكتب في وول تريد جورنال ان ما تعاني منه اميركا في العالم هو كراهيات، لا كراهية لان الاساب تختلف في كل مكان عن الاخر، واذ يعدد يصل الى الشرق الاوسط ليقول ان سبب الكراهية هنا هو دعم اسرائىل.

اذن التحرك ممكن ولا بد منه وفي يد الجامعة اكثر من ورقة ولعل ورقة التعدديات العربية الغنية والتسامح الانساني من اهمها، ولعل ورقة المسيحيين العرب من اوراقها الفعالة والمفيدة.

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون