“تعاطف اكثر مما كنا نتجرأ على ان نتمنى، واقل مما كنا نخاف”.
هكذا يعلق ايلي برناوي سفير اسرائيل في باريس على نتائج استطلاع الرأي الذي نفذه مركز سوفر في العاصمة الفرنسية لصالح سفارة الكيان الصهيوني حول توجهات الرأي العام الفرنسي بالنسبة للصراع العربي الاسرائيلي، للعلاقة مع الدول العربية وللموقف من الاديان.
لماذا؟
ولماذا الان؟
لان مؤشرات كثيرة كانت تتشكل منذ اكثر من عام، اي منذ بدء الانتفاضة الفلسطينية، على تحولات واضحة لدى هذا الرأي العام، ازاء اسرائيل وفلسطين والعالم العربي، خاصة في وسائل الاعلام وفي الشارع الفرنسي. منها على سبيل المثال ما ذكره مدير القناة الخامسة في التلفزيون الفرنسي بعد ثلاثة اشهر من بدء الانتفاضة، عن كونه قد تلقى مئة وعشر رسائل حول الموضوع خمس وستون منها مؤيد للفلسطينيين ومنها شعارات رفعت في المظاهرات المؤيدة لاسرائيل تقول: ان اغلفة بعض صحفنا ومجلاتنا مثيرة للخزي«.
يومها كتب شيمون بيريز في معاريف »لقد خسرنا المعركة هذه المرة لاننا خسرنا الاعلام« ولم تكن صرخته تلك اعلان استسلام بل هي اعلان هجوم مضاد يقوده الديبلوماسي الثعلب.
ولذلك، فقد حان الان وقت تفقد النتيجة.. خاصة بعد ما يمكن ان تحمله الى هذه النتيجة، تطورات الاحداث التي تعاقبت منذ 11 ايلول.
ولان الان هو وقت الاقتراب من استحقاقين رئيسيين:
الاول هو اقتراب الانتهاء من مرحلة افغانستان في الحرب ضد الارهاب، والانتقال في المرحلة الثانية الى المنطقة مما يقتضي دراسة جميع الساحات لتوقع ردات الفعل والتأسيس لخطة العمل.
والثاني هو اقتراب تبلور مبادرة ما، اوروبية – امريكية بشأن فلسطين والصراع العربي الاسرائيلي مما يقتضي نفس الدراسة والمعرفة. فهؤلاء ناس لا يتحركون الا وهم على معرفة وثيقة أين يقفون.
ماذا قال الاستطلاع؟
بالنسبة لفسطين:
مسؤولية فشل السلام، يحملها الفرنسيون للطرفين بالتساوي. و44% منهم ما زالوا يتعاطفون مع اسرائيل، بينما 32% مع فلسطين.
اما بالنسبة للقضايا الرئيسية:
– القدس: 25% مع وجهة النظر الاسرائيلية، 17% مع الفلسطينية و58% بدون رأي.
– المستوطنات: 36% يخالفون وجهة النظر الاسرائيلية، و15% يؤيدونها و49% بدون رأي.
– حق العودة: 27% مع حق العودة و18% ضده و55% بدون رأي.
– الدولة: 3% مع دولة اسرائيل فقط، 11% مع دولة فلسطينية فقط، و83% مع قيام دولتين و13% بدون رأي.
اما بالنسبة للتعاطف مع الدول الاخرى فيلاحظ ان الاستطلاع قد حدد ست دول عربية، اضافة الى الولايات المتحدة وروسيا، وطلب ترتيبها. ومن ملاحظة اسمائها يفهم ارتباط هذا الاختيار بالعملية السلمية واطرافها، واذ الترتيب كالتالي:
الولايات المتحدة 77%، روسيا 50%، مصر 64%، المغرب 64%، الاردن 36%، لبنان 34%، فلسطين 32%، سوريا 21%، واسرائيل 44%.
واخيرا السؤال حول نظرة الفرنسيين الى مستوى التسامح لدى الديانات فاذا 52% الى 60% يعتبرون اليهودية ديانة غير متسامحة و71 الى 80% يعتبرون الاسلام دينا غير متسامح.
المهم في هذه الجداول كلها، ليس نسبة المؤيد وغير المؤيد، اذ ان العمل الرئيسي لا يتجه الى تحويل وجهة نظر في تبني موقف محدد، بل يتجه الى ذلك القطاع العريض الذي لم يكوّن رأيا بعد والذي رأينا انه يزيد عن النصف في الغالب.
ولا بد هنا من خطة تسير في خطين، التأثير في من اتخذ موقفا، وبناء موقف لدى من لم يتخذ بعد.
هذا ما سوف تفعله سفارة اسرائيل ومعها يهود فرنسا.
فماذا ستفعل دولنا وعربها الفرنسيون.