كل هواجس اسرائيل مفهومة لدى هذا الغرب الغريب، وحتى لو رأى وزير الخارجية الالماني ان المخاوف الاسرائيلية في غير مكانها. لماذا؟
لأن لدى هذا الغرب، وتحديدا لدى المانيا عقدة ذنب تجاه اليهود. يقولون.
ولكن:
لماذا لا تتملك هذا الغرب عقدة ذنب تجاهنا نحن الذين خضعنا لعدوانه واستعماره ومصادرته، منذ الحروب الصليبية الى الاستعمارات الحديثة. نحن الذين سال دم اوردتنا على خناجره، وشرحت مباضعه جسد ارضنا من سايكس بيكو، الى تقسيم المغرب، الى سلخ كيليكيا والاسكندرون وعبدان عن جسد الوطن؟
انحن من لا يعرف ان يدق مسمار عقدة الذنب كما يفعل اليهود، ام جسده هو المحصن ضد مسمارنا لاننا لسنا منه، ولأن اليهود افرازه؟
ولكن هل الفلاشا افراز غربي؟ رغم الجواب النافي، فان مشروعه الصهيوني الاستيطاني هو مشروع غربي. وهو ما ندفع نحن مرة أخرى ثمنه.
لكن المشكلة تظل فينا نحن، لاننا بقبولنا مفروضاته، بنسياننا موتنا ودمائنا، بانسياقنا للتجزئة بحيث اصبحنا اكثر تمسكا بها منه، بتبعتنا البلهاء المريضة، قد تحولنا الى كائن فاقد الذاكرة، فاقد للاستقلالية، يسير في نومه او ينام في مسيره.
لم نعرف ان نراهن على مصالح الغرب لدينا، فمنحناه من غير مقابل، اللهم الا مقابل بقاء الحكام في الحكم.
لم نعرف ان نبني لوبيهات من مهاجرينا لديه، فاذا هم على ضخامة كتلتهم، اكثر اذى لنا من عدم وجودهم.. وماذا تكون كتلة قوامها في فرنسا »الحركي« اي خونة الجزائر الذين تعاونوا مع الفرنسيين، وقوامها في اكثر الدول اما الهاربون من قمع انظمتهم، واما الباحثون عن خلاص فردي بالمال او الموقع اللذين لا يؤمنانهما الا بدعم يهودي، واما الذين حملتهم عقدهم وعقد مجتمعهم هنا، الى التسكع بضع سنوات على ارصفة الغرب، ليعودوا، ويبيعوا هذه الشهادة بالتفوق على عقد النقص العربية.
لم نعرف ان نجعل من هؤلاء قوة لنا كما هم اليهود لاسرائيل، ولا من دولنا قوة لهم كما هي اسرائيل لليهود.
لم نعرف ان نصون يوما كراماتنا من الابتذال المهين، ولا انظمتنا وطوائفنا عن الامتثال فيما بينها، وعن الوقوف في صف من يضرب واحدا منها كأن لا صدى لـ »اكلت يوم اكل الثور الابيض«.
بالامس الـ 56 مصر، وبالامس الآخر ليبيا، والسودان، وبالامس الخطير العراق، الجدار الاستنادي الرئيسي، ودائما فلسطين..
واليوم تلوح العصا السوداء من جديد في وجه بغداد ودمشق والقاهرة والرياض… اليوم حزب الله والجبهات المناضلة لتحرير فلسطين.. اليوم علينا ان ننبش عظام وديع حداد وفؤاد الشمالي، ونطحنها معترفين بانها الجمرة الخبيثة وان علينا تناول المضادات الحيوية لها.
ان نقبل لحسن نصر الله بان ينزل صورة ابنه الشهيد ويعدل اللقب الى ارهابي.. ان نصادر ابتسامة سناء محيدلي وابتسام ورلى، ونبصم على انها تكشيرة حقد وارهاب.
ان نقول للبنان ان عليه ان يفرض غرامة تحرير جنوبه، ولفلسطين بان جريمتها انها لا تنسى اسمها.
اليوم، يقول عمرو موسى اننا عدنا الى مستوى المواجهة ثانية، فكيف سنواجه، وبم… ولن نقول بمن، لأن هؤلاء الذين سمروا بؤبؤ عيونهم على حريتهم هم الوحيدون المضمونون.