ارهـــــاب!

المسألة الفلسطينية والصهيونية، 21-10-2001

منّة أن يستثنى اسم قائد اهم عملية تحرير في بلادنا، منذ بداية صراعنا مع الصهاينة، من قائمة الارهابيين.

منّة ألاّ يسمى السيد البهي، الذي ادار تحريراً لم يمس فيه مواطناً، ولو متعاملاً مع اسرائيل بعمل انتقامي، الاّ في دائرة القانون والدولة – الا يسمى ارهابياً.

هذا ما صرح به السفير الأميركي في لبنان، بخصوص سيد المحررين حسن نصر الله بعد لقائه بوزير الاعلام اللبناني، اثر تسرب معلومات عن ادراج اسم السيد ضمن القائمة التي سلمت للبنان.

لكن تصريح وزير الاعلام كان واضحاً، في تحديد حزب الله كحركة تحرير، او كجزء من حركة التحرير اللبناني ضد الاحتلال الاسرائيلي.

وإن كان الخطاب قد افتقر الى الحسم الكامل، لأن الأميركيين ما يزالون مصرين على ادراج الحزب على قائمة المنظمات الارهابية.

وإذا كانت الاجواء اليوم تبدو غير هادئة بما يكفي للسؤال: وماذا يسمى جورج واشنطن إذن؟

ماذا يسمى شارل ديغول؟

اي حركة ارهابية هي اميركا المقاتلة لأجل الاستقلال، او فرنسا الحرة؟

بل ان انتصار جورج واشنطن، واحرار اميركا، قد اقترن بشحن مئة الف اميركي، هم الذين تعاونوا مع بريطانيا المستعمرة وقاتلوا معها، شحنهم مع عائلاتهم على سفن، دفعت الى البحر، الى تيه غامض ومصير مجهول، ونفي مبعثر..

كما ان انتصار فرنسا الحرة قد اقترن باباحة باريس أمام انتقام قوات المحررين من المتعاونين مع فيشي، انتقاماً كان اقله، انتشار ظاهرة القبعات بعد ان حلق رأس كل امرأة تعاونت او آوت المانياً او متعاوناً.

لكن قوات المقاومة اللبنانية لم تنتقم، وكان ما فعلته ان حولت العملاء للقضاء الرسمي.

واذا بهذا التسامح النادر، ارهاباً، وبهذا القائد المضيء، ارهابياً. جريمة، لا يرتكبها الغرب بحقنا، بل نحن من يرتكبها بحق أمته وقضاياه وكرامته. فلم يكن علينا، حكومات وشعوباً، ان ننتظر ان تضرب الولايات المتحدة في قلبها، وتصم أذنيها جريحة، كي نتراكض هلعاً من امكانية اطلاق صفة الارهاب على اي منا، بمن فيهم ابطالنا، وقادتنا، آباؤنا وشهداؤنا..

كان علينا، وعلى حكوماتنا بالتحديد، ان تعمل منذ بدأ مصطلح الارهاب يصاغ على أيدٍ يهودية، تستفيد من الارهاب الحقيقي، لخلطه بالمقاومة الوطنية والنضال التحرري.. ان نتصدى لهذه العملية التي تمت برمجتها بدقة وروية، بكل خبث السياسة اليهودية ومهارتها، وبكل فعالية وسائل اعلامها.

ان نتصدى بحملة مضادة، تمنع الخلط، وتصنف الارهاب، ارهاباً، واذا اسرائيل في صدر قائمته من حيث ارهاب الدولة، والصهاينة المنتشرون ميليشيات مسلحة في العالم في مقدمته من حيث ارهاب المنظمات والافراد.

ولم تكن ملفات القضاء والشرطة، ووثائق شركات التأمين فيما يخص “التعويض عن ضحايا العمليات الارهابية” لتبخل علينا بمئات الشواهد والقضايا التي تنفع كل منها لإثارة قانونية، سياسية، واعلامية.

هذا عدا اعمال الارهاب التي تمارس ضدنا نحن في فلسطين والدول العربية، وعلى اراضي دول العالم.

كنا نعيش هذا الارهاب الاخير، ولا ننتبه الى عمليات الفئة الاولى، في الدول الاخرى. ولا نوظف شيئاً من الفئتين كي لا نصل الى ما نحن فيه اليوم، وكي نصل باسرائيل وصهاينتها الى حيث يجب ان يكونوا.

منذ بداية الثمانينات، كانت الديبلوماسية الاسرائيلية في واشنطن، بقيادة موشيه ارينز وبعده بنيامين نتنياهو، وفي اوروبا بقيادة آخرين، تحقق انتصارات كبيرة في تهيئة الشعب الاميركي، ثم الشعوب الغربية لفهم معين للارهاب، ولاساليب مكافحته، وتنجح في ان تضع اسرائيل في صف اميركا واوروبا كدول مستهدفة لا لما فعلته، بل لما هي عليه: ديمقراطية حرة. وفي ان تضع العرب والاسلام في صف الارهاب، لا لما يلاقونه، بل لما هم عليه: ارهابيون بتكوينهم وثقافتهم وموروثهم.

وعندما كان هذا النشاط على اوجه في اميركا، كانت مؤسسة جوناثان تعقد مؤتمراتها في اسرائيل في اواسط الثمانينات، ويشارك فيها – من بين من يشارك – جورج شولتز، وجورج بوش الاب.

وكانت تتأسس في فرنسا “الدولية لمكافحة الارهاب” بقيادة هنري هاجدنبرغ، رئيس منظمة التجديد اليهودي، قبلها، ورئيس المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا حالياً. وكانت هذه الدولية تعقد مؤتمراتها ويشارك فيها من بين من يشارك ليونيل جوسبان وسيمون فيل (رئيسة البرلمان الاوروبي) والكاتبان الصحفيان الهامان: جان دانيال، وجان ايمرسون صديقا ميتران.

فأين كنا نحن…

وماذا اعددنا ليوم اعد العدو له عدته؟

وماذا نعد الآن؟

وإذا كانت الامانة للتاريخ تقتضي ان نذكر صوتاً كان يصيح وحيداً مطالباً منذها بتعريف الارهاب، هو صوت الرئيس الراحل حافظ الاسد.. فها هي سوريا ما تزال تكرر النداء.

فلماذا لا يصبح نداءً عربياً عاماً؟

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون