باول واللوبي

العراق، 20-10-2001

ليس كولن باول عمرو موسى، لا ولا هو تشي غيفارا…

ليس الرجل صديق العرب المتحمس لفلسطين، ان هو إلاّ الجنرال الذي قاد حرب تدمير العراق، والقوة العربية معه.

ورغم ذلك فهو يواجه على ما يبدو حملة ضاغطة من قبل اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة الاميركية، تجسدت اخيراً في عملية استباقية هي عبارة عن بيان وقعه 89 عضواً في مجلس الشيوخ تحسبا لما يمكن أن يقوله وزير الخارجية في بيانه اليوم.

“درهم وقاية خير من قنطار علاج” عملاً بهذه الحكمة تحرك الايباك واسرائيليو اميركا. فلا مجال لانتظار صدور الخطاب للاحتجاج عليه او على نقاط يخشى ان ترد فيه.

ولكن ما هو المرض الذي يخاف هؤلاء اليهود المتطرفون والنافذون، ان يبرز وباؤه في كلمة باول؟

وبماذا يذكرنا هذا الموقف اذا عدنا بضع سنوات الى الوراء؟

باول ليس معادياً لاسرائيل، لكنه رجل متشدد في الحفاظ على المصالح الاميركية، تلك المصالح التي يقيمها ويحدد التعاطي معها وفق رؤية استراتيجية معروفة.

فعندما حصلت ازمة الخليج عام 1990 كان رأيه واضحاً:

نحن نحتاج بشكل قاطع الى السيطرة على المناطق النفطية في الشرق الاوسط والخليج العربي، ولكن من الافضل الا يحصل ذلك عن طريق الحرب. فسيطرتنا هذه ضرورة استراتيجية في المواجهة المقبلة مع آسيا واوروبا.

لكننا يجب أن نأخذ بعين الاعتبار عدم اثارة مشاعر العداء لاميركا لدى العرب والمسلمين، وعدم تغذية نمو الاصولية الاسلامية بالاحباط والحقد.

لكن المواجهة العسكرية حصلت عام ،1990 وحاول الفريق الذي ينتمي اليه باول امتصاص المحذور الثاني عبر السعي الى فرض مؤتمر مدريد. اي تقديم البرهان على سعي جاد لحل مشكلة فلسطين. وكان جيمس بيكر يومها على رأس الديبلوماسية الاميركية.. ولأن هذا الاخير لم يبد الانحياز الكامل لاسرائيل، وحاول ان يضغط عليها، فقد رأيناه يستبعد من الساحة لاحقاً.

من جهة أخرى، بدأت المواجهة مع آسيا، التي تنبأ بها باول. وبادرت اليها واشنطن بتدبر موقع قدم استراتيجي تنطلق منه اليها. وما يزال وزير الخارجية حريصاً على امتصاص النقمة على الولايات المتحدة، وتخفيض منسوب العداء لها. خاصة وقد جاءت احداث 11 ايلول لتدعم وجهة النظر المتعلقة بخطورة هذه الكراهية.

خطورة قد تظهر فيها تشابكات كثيرة، من مثل نموها داخل الدول الصديقة لواشنطن نفسها.

واذا ما افترقت عند منعطف ما مصالح الولايات المتحدة الاميركية مع مصلحة اسرائيل المطلقة، فان الاميركيين، من مثل باول سوف ينحازون الى الاولى، في حين ينحاز اللوبي اليهودي الى الثانية.

من هنا، توقع صدور تصريحات ما عن باول، قد لا تشكل شيئاً كبيراً بالنسبة للعرب، ولكنها قد تشكل مؤشراً كبيراً للوبي واسرائيل على ارهاصات امكانيات انفصال المصلحة الاميركية عن المصلحة الاسرائيلية بشكل مطلق، وتراجع التأييد ليس لاسرائيل بل لتطرفها الكامل.

وذلك ما يترجم بما بات يسمى معسكر الحمائم ومعسكر الصقور، فيما يبدو واضحاً انه استعارة اسرائيلية. معسكران يتواجهان بشكل خاص بشأن العراق وفلسطين.

والسؤال هنا: هل يستطيع العرب بديبلوماسيتهم واقتصادهم ان يلعبوا على هذ المفارقة؟

وهل كانت مبادرات امين عام الجامعة العربية في هذا السياق خطوة ذكية، ليس فقط لأنها عزفت على وتر “الصداقة والاسترضاء” وانما لأنها اعتمدت اسلوب الظهور بمظهر من يحترم نفسه، وجوده، وقدراته، يعرف ما له عند الآخر، ويعرف ايضاً ما للآخر عنده؟

على أية حال يظل هناك الكثير مما يجب عمله.. فهل تسعفنا الهمة والوقت … والارادة؟

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون