“في الوقت الذي نحتاج فيه الى ظهور الدولة بمظهر المتماسك، المثير للاطمئنان والثقة، نجدها تبدو مبلقنة تماما.”
هل كان احد يتوقع ان تطلق مديرة مركز ابحاث جامعة ديلاوار الاميركية، لقب »البلقنة« هذا على بلادها؟
هل يمكن ان نربط ذلك بما كتبه هنتنغتون خلال حرب يوغوسلافيا، من تساؤل حول »خوف النهاية« الذي تداريه بلاده، بافتعال الاعداء وافتعال المعارك .
هل تجاوزت الامبراطورية الشابة مرحلة »ثقة البداية«، الى قمة الهرم، ومنه الى »خوف النهاية«؟
اية نهاية، وواشنطن تؤمن مع انزال قواتها في اسيا الوسطى، السيطرة على نفط بحر قزوين وعلى غاز تلك المنطقة، وتؤمن بذلك تجنب تبعيتها المحتومة لمنظمة الاوبك التي تقودها اما دولة عربية مرشحة لان تصبح قومية التوجهات والمطالب، واما دولة اميركية جنوبية مرشحة لان تكون يسارية وغير مؤيدة لواشنطن. (تبعية تبلغ اليوم بحسب وكالة الطاقة الدولية ووزارة الطاقة الاميركية 50% وكان يتوقع ان تصل عام 2015 الى 80% فيما لو بقيت الامور على حالها.)؟
لكن الامور، لم تبق.. واستطاعت الولايات المتحدة ان تتجنب الوقوع في هذا المحظور، بتحويلها الكارثة القومية التي منيت بها يوم 11 ايلول الى حجة وذريعة لحرب تؤمن لها تعويضا اهم من الكارثة وخسائرها، كما استطاعت ان تؤمن مكسبا سياسيا يضاف الى المكسب الاقتصادي، يتمثل في التربع على حدود جميع القوى الهامة في اسيا، اضافة الى روسيا، وفي خنق القوة الباكستانية التي تمثل القوة الاسلامية النووية الاولى المعادية لاسرائيل وربما للسياسة الاميركية .
ولكن…
هل صحيح انها »تربعت« واستراحت؟
ام انها وضعت قدمها في حقل الغام او في رمال متحركة لا يعلم احد مآلها؟
هل ستفيدها الحرب الطويلة، التي لن تنتهي ضد الارهاب، والتي لن تعدم »بعبعا« يبرر استمرار حلقاتها، في ضمان استمرار تأييد الرأي العام العالمي والمحلي الاميركي لهذه الحروب التي لا تنتهي؟
وهل يمكن ان يمضي بنا التحليل الى تواطؤ ولو غير مباشر، حول ما حصل في افغانستان، بحيث جنب حركة طالبان التصفية الكلية، وجنب الادارة الاميركية افواج نعوش تعزز حالة حرب فيتنام لدى الرأي العام الاميركي؟
وفي هذه الحالة، يقود السؤال الى سؤال آخر: من الذي سيدفع ثمن ذلك كله؟
هل يكون الجواب: نحن على المدى القريب، والوحدة الاميركية على المدى البعيد؟
وفي الحالين: من الذي سيكون المستفيد؟