رائحة النفط!

اقتصاد سياسي، 18-10-2001

عندما تلتقي تقارير ثلاثة مراكز دراسات، من الاهم في العالم، في مجال الطاقة، حول نقطة واحدة هي ان الاوابك ستصل عام 2015 الى السيطرة على السوق النفطي العالمي.

وعندما تتفق وكالة الطاقة الدولية، والمركز التابع لوزارة الطاقة الاميركية، والمركز القومي للبحوث في فرنسا، على ان هذا الواقع المحتوم سيشكل نوعا من التبعية الغربية للاوابك بشكل عام، وللعربية السعودية بشكل خاص.

وعندما تكون اهم الدول المشكلة للاوابك هي السعودية والعراق وايران ويكون موقف هذه الدول معروفا من القضية الفلسطينية.

وعندما يترجم ذلك باضطرار الرئيس بوش الاب الى الاتصال ثلاث مرات خلال شهر ايار المنصرم، بالامير عبدالله لتطمينه عن نوايا ابنه الرئيس ازاء القضية الفلسطينية، كما نقلت الصحافة الغربية.

وعندما يعلن الخبراء ان التبعية النفطية في الولايات المتحدة، قد بلغت 50% وهي مرشحة للتصاعد »بمعنى انها تستورد 50% من حاجاتها«، وتكون هذه التبعية موجهة، اضافة الى الدول الخليجية الى فنزويلا التي يحكمها فريق معروف بتوجهاته السياسية التي جعلت رئيسه يكون اول رئيس يكسر الحصار على العراق.. وجعلته يقوم منذ يومين بجولة نفطية تتوقف طويلا في السعودية.

وعندما يصل هؤلاء الخبراء الى ان الحل الوحيد المطروح يتمثل في ثلاثة حقول: مياه خليج المكسيك »حيث تتنافس جميع الشركات الانكلو ساكسونية« وجليد الاسكا »حيث يواجه التنقيب مشكلة اساسية مع قضية البيئة – ربما تحيلنا الى فهم الضجة التي اثيرت حول هذه القضية في بداية عهد بوش الابن« واخيرا نفط بحر قزوين، »حيث تبرز مشكلة كيفية اقتسامه« ولا يحتاج اهتمام واشنطن به الى اكثر من استذكار خط الانابيب الذي مدته من هذا البحر الى المتوسط عبر تركيا، وبكلفة ثلاثة مليارات دولار.

عند كل هذا يمكن اولا الامساك، بعناصر تحليل خاصة لمواقف ايران، تركيا، الصين، روسيا، والسعودية من الصراع الجاري حاليا.

كما ان العناصر ذاتها تقودنا الى ربط ذلك من جهة اخرى بالقضية الفلسطينية، بمجريات الانتفاضة، وبموقف السعودية، وتحديدا الامير عبدالله منها.

بل ومن الصراع الحالي ايضا.

فاذا كان ضم الكويت الى العراق عام ،1990 قد شكل تهديدا لموقع الصدارة النفطية الذي كانت تحتله السعودية، وكان في ذلك مبرر للقبول بالحرب، فان الحرب هذه المرة هي التي تشكل تهديدا للموقع نفسه.

واذا كان حل القضية الفلسطينية، يشكل مطلبا سعوديا وخليجيا وعربيا، فان تقديم شيء في سياقه قد يكون من باب التعويض على المصادرة الاخرى.

لكنه تعويض على الطريقة الاميركية، اي انه لا يخرج عن السياق اليهودي الصهيوني، ولا يأتي تلبية لضغط الانتفاضة مما يعني رفع سقفه الى سقف مطالبها وتضحياتها. وذاك ما كان قد اصبح قريبا قبل الحادي عشر من ايلول. بل يأتي جائزة ترضية، تتحدد، في احسن الظروف وفق شروط العرض والقبول الاميركية والعربية. وذاك ما يحمل الكثير من السيئات، ولكن ايضا الكثير من الحسنات فيما لو احسن استغلاله، واللعب على توازناته مع الاخذ في الحسبان منسوب ضغط اللوبيهات اليهودية، لا داخل التركيبة السياسية فحسب، بل وداخل المجتمع النفطي المذهل في تعقيداته ولا إنسانيته وميكافيليته.

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون