فرص!

المسألة الفلسطينية والصهيونية، 08-10-2001

فرصة اثر فرصة يمنحها شارون للاعلام العربي، وللمسؤولين السياسيين العرب.، والرهان ليس فقط على تلقفها، وانما على استغلالها في خطاب موجه للغرب، لا للجمهور العربي.

وليس المقصود بالفرصة هنا، التصريحات المتخبطة التي تصدر عن الارهابي الاسرائيلي الاول، وانما ايضا الممارسات اليومية.

فمنذ ان حاول شارون ان يربط بين المقاومة الفلسطينية، ومنفذي عملية نيويورك، بوضع اسرائيل في موقع الولايات المتحدة، لتدعيم تضامن المثل، بقوله »لكل منا ابن لادن خاصته، وبن لادننا يدعى ياسر عرفات«، كان لا بد لنا ان نلتقط هذه الاشارة للقول بان تصريحا كهذا لا يؤدي الى تجريم عرفات والفلسطينيين، بقدر ما يؤدي الى تبرئة منفذي العمليات الارهابية في منهاتن، بتشبيههم بمناضلين مظلومين يقاتلون ويموتون لاسترجاع حقوقهم المغتصبة، وتشبيه الولايات المتحدة باسرائيل المحتلة المعتدية.

وكان علينا ان نعيد التصنيف الى موقعه الصحيح، بفرز اسرائيل وجيشها ومسؤوليها في صف الارهاب، وهو فرز لا نحتاج فيه لكبير جهد، فالتاريخ الجمعي، كما التاريخ الفردي لاسرائيل وقادتها يقدمان لنا فيضا من الوثائق والبراهين التي يتكفل الحاضر الراهن بتقديم اكثر منها كل يوم.

فليس الارهاب فقط هو عشرات الشهداء الذين تحملهم لنا الاكف ووسائل الاعلام كل صباح ومساء، بل ان معاناة الاحياء لا تقل ارهابا عن الموت، اوليس منع الحركة، واللقمة، والمدرسة ارهابا؟ اوليس منع المرضى والجرحى من الوصول الى المستشفيات والعيادات ارهابا، اوليس منع رجال الاسعاف من القيام بمهامهم ارهابا؟ اوليس هدم البيوت، واقتلاع الاشجار ارهابا؟

القوانين الدولية تغص بمداخل الادانة، والخطاب السياسي مفتوح لعشرات المقارنات، مقارنات يخرج منها الارهاب الصهيوني متفوقا بامتياز.

لكن الخطاب المطلوب ذو شقين: واحد يسبر القوانين والمعاهدات والاعراف السياسية، وواحد موجه للرأي العام، للبشر، ولذلك فيتوجب ان يستند الى الوقائع ببساطتها، بانسانيتها وواقعيتها. لندع الناس يتحدثون، يروون حكاياتهم كما هي، دون تنظير ودون تأويل، وسنجد انهم يستطيعون بذلك ان يؤثروا في المتلقي، اكثر مما تفعله جميع الخطب السياسية، الم نر ان حديث ودموع الفتاة سعاد الناجية من صبرا وشاتيلا، كانا اكثر تأثيرا من جميع المقالات والخطب التي دبجت حول هذه المجزرة.

في فلسطين اليوم آلاف السعادات، فلنتركهن يتحدثن، في برامج خاصة، في افلام وثائقية، في شهادات.. الخ.

ولنتعلم من اليهود انفسهم، كيفية الاعتماد على هذا النوع الانساني من الاعلام ـ علما باننا لا نحتاج الى كم الكذب والتلفيق الذي احتاجه اليهود.

دون ان يعني هذا التقليل من اهمية الخطاب السياسي الرسمي والفكري، الذي منحه شارون فرصة جديدة عبر تشبيهه جورج بوش بتشامبرلين ـ وقد علقت صحيفة لوموند على ذلك بقولها شارون يشبه بوش برئيس وزراء »كنسه التاريخ«.

افلا يفتح لنا ذلك ايضا مجالا للرد بقلب التشبيه، ومقارنة تشيكوسلوفاكيا بفلسطين التي ضحى بها الحلفاء ايضا، واسرائيل بالنازية وشارون بهتلر، والافادة بذلك من ذاكرة جمعية اوروبية تدين هتلر دون تردد؟

وان نقيم المقارنة في خطين متواصلين: التاريخ والحاضر.. فهل فعل هتلر في فرنسا المحتلة، اكثر مما يفعله شارون في فلسطين؟

وهل يقاوم الفلسطينيون على ارضهم، بغير ما فعله الروس في ليننغراد؟

دول كثيرة في هذا العالم، عانت من الاحتلال، من التمييز العنصري، من حروب الابادة، وهي بذلك، كلها، رصيد مرافعة دامغة في خطابنا السياسي والاعلامي.

على ان نعرف كيف نوجه هذا الخطاب للآخر، وباللغة التي يفهمها والمضمون الذي يمسه.

فكم نحن مقصرون مسؤولين واعلاما حتى في كيفية استغلال ما يقدم نفسه لنا!!

كم نستطيع ان نجعل لعذاباتنا ثمنا اغلى، كي لا يدفعه ابناؤنا.

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون