“ترى المجموعة الاوروبية ان لا مكان لهذه القضية هنا. فدوربان ليست المكان المناسب لاثارة جدل حاد حول هذا الموضوع. لا فائدة من الالحاح. اتركونا نقوم بعملنا. ولكن ليس لاجل اهداف، ليست اهدافنا”.
هكذا رد لويس ميشال،وزير خارجية بلجيكا على صحفية عربية وجهت اللوم للمجموعة الاوروبية لرفضها الموافقة على نص يدين اسرائيل في البيان الختامي.
ولعل اهم ما في رده الكلمتان الاخيرتان »اهداف ليست اهدافنا«.
اجل فلكل اهدافه ومصالحه، ومن المستحيل ان تلتقي اهداف ومصالح المسروق مع اهداف السارق.
واذا كانت طبيعة الامور قد ربطت قضيتنا -مع العنصرية الاسرائيلية – مع قضية السود والعنصرية الغربية، فان للقاء المظلومين مقابلا هو لقاء الظالمين، وهذا الغرب الذي قبل مرغما ان يدفع طوال خمسين سنة تعويضات عن جريمة، بات الجميع يعرف حجم الاكاذيب التي احاطت بكل رواياتها، هو الذي لا يمكن ان يقبل بتعويض السود او الاقرار بعنصرية اسرائيل مما يفضي الى التعويض على الفلسطينيين والعرب، تعويضا يتجاوز المال، الى الاحتلال والاستيطان والسيادة.
لماذ لا يمكن ان يقبل؟
اولا: لان المشروع الاستعماري الاستيطاني الاحلالي الصهيوني منسجم في روحه مع الروح الاستعمارية الغربية، وان كان يتجاوزها باتجاهين: اسبقيته عليها واستمراريته بالمقارنة معها، على المستوى التاريخي، وطرحه الاحلالي الذي لم تصل اليه العنصرية الغربية، حتى عندما قاربته.
ثانيا: لان المشكلة اليهودية – الاوروبية، اي استثمار اسطورة الهولوكوست، هي قضية غربية – غربية، دفعنا نحن ثمنها، بابتكار بند قانوني غريب هو التعويض من املاك الغير. حتى وان دفع الغرب نفسه من نفسه خضوعا وابتزازا ومصادرة تجعل مصلحة اسرائيل عبر لوبياتها فوق مصلحته، وتعمل لذلك على تدمير اساس ثقافته الكامن في الحس النقدي الموضوعي.
ثالثا: لان القبول باكذوبة الهولوكوست، كان يندرج بشكل جوهري ضمن تبرير المنتصرين في الحرب العالمية الثانية، لحربهم وجرائمهم وادانة حرب المهزوم، على اعتبار ان هذه الحرب كانت حرب الخير المطلق ضد الشر المطلق، بحيث انه كلما تضخمت المبالغة في نحت اسطورة الهولوكوست ترسخت صورة الشر ودعم التبرير.
رابعا: لان تقاطع المصالح الاوروبية والامريكية في الشرق الاوسط مع مصلحة اسرائيل التي استطاعت ان تثبت عام 1967 انها العميل الاكثر ضمانة، والاقل تكلفة، جعل صورة الخير والشر هذه تنتقل الى الصراع العربي – الاسرائيلي، فاذا نحن الارهاب والتخلف والاصولية، وهي الديمقراطية والانسانية والحضارة.
فكيف يمكن ان يترك لهؤلاء المقموعين، ان يتوجوا في دوربان التحول الذي بدأوه من الانتفاضة وجنوب لبنان، وان يبرزوا الوجه القبيح على حقيقته، ويزلزلوا المعادلة المذكورة.
لكن واقع الامر انهم استطاعوا ان يغيروا، وان يزلزلوا.ولن يكون بامكان البيان الختامي البروتوكولي، ان يلغي بأي شكل الفضيحة التي ابرزتها القوى الشعبية.
واذا كانت المجموعة الاوروبية قد صرحت، على لسان لويس ميشال ايضا: »لقد بقينا، ولم ننسحب، من اجل محاولة التوصل الى اتفاق، وننوي الاستمرار في التفاوض حتى النهاية«.
فان علينا نحن ان نحفظ هذه العبارة، ان نصر على البقاء، وعدم الانسحاب، والاستمرار حتى النهاية في المعركة التي لم تكن دوربان اولها ولا اخرها، وان كانت هي مفصلا هاما فيها.