ما الذي يريده هؤلاء الصبية في لبنان؟ بل ما الذي يريده الدهاقنة الذين يشحنونهم ويوجهونهم؟
واي مأزق يضعون فيه مواطنا لا يستطيع الا وان يكون مدافعا عن الحريات، وعن سيادة القانون واجراءاته، كما لا يستطيع الا وان يكون مدافعا عن وحدة الوطن وامنه وسلامته وسلامه الوطني؟
لا يستطيع الا ان يستعيد، وهو يسمع ويرى ما يحدث، اجواء بداية السبعينات والاسطوانة المشروخة التآمرية عن التقسيم، عن امال مشرط الفئوية الضيقة في جسد الوطن الذي لم تكد جراحه تلتئم؟
بالامس كان الفلسطينيون هم الحجة، واليوم السوريون.
ولكن اين كان الفلسطينيون والسوريون عام ،1958 وقبل ذلك عامي 1845 و1860؟
الجهات الغربية التي خلقت الفتن وغذتها في القرن الماضي لخلق محميات طائفية تشكل جسرا للعبور الى »الامتيازات الاجنبية« اي الى ارث »الرجل المريض« هي هي التي تغذي الفتنة اليوم، مضافا اليها عنصر اساسي ظهر منذ بداية القرن: اسرائيل فعملاء اسرائيل الذين يظنون انفسهم حلفاء، هم الذين يفجرون الاقتتال الداخلي، كي لا يتركوا لجسد هذه الامة فرصة التخلص من النزف على الخاصرة اللبنانية.
والخطاب القديم الجديد الذي خرج به من اعتقدنا انه اخر ديناصور في العائلة الشمعونية العريقة بتعاملها مع العدو هو خطاب الفدرالية فأي طرح سخيف مضحك مبك!
الفدرالية بين من ومن؟
قد يصح ان يقال الفدرالية بين لبنان وسوريا مثلا على اساس انهما دولتان قائمتان ولكن الفدرالية داخل هذه »الكمشة« اللبنانية لا تعني الا اسما محسنا مموها للتقسيم مما يؤكد اتهامات الدولة وتبريرات الجيش لتحركه.
واذا كان هناك من يحرص على الحريات فليدع الى وقف التآمر على الوطن كي لا يضطر الحريصون الحقيقيون الى الصمت، لان البديل تدمير الوطن خاصة وان اكثر من سؤال خطير يبرز ازاء هذا التحرك المشبوه:
– لماذا الآن، والازمة الاقتصادية تبلغ اشدها، والجميع يعرف ان سببها الرئيسي هو الضغط الخارجي على الحكومة اللبنانية لنشر الجيش في الجنوب في مهمة حراسة لاسرائىل، وللتخلي عن وحدة المسارين والقبول بسلام ضعيف مع العدو باختصار الانضمام الى حلقة التآمر على سوريا؟
– لماذا الآن والوضع في الداخل الفلسطيني يبلغ ما يبلغ، وفي مقدمة القوى التي تشكل دعما للانتفاضة يقف حزب الله؟
– لماذا الآن واللوبيهات اليهودية في العالم تتكالب ضد سوريا، وضد رئيسها الجديد لاجباره على تخليه عن مواقفه وللالتفاف على التوجهات الاصلاحية التي يحمل والتي لا يمكن الا للسذج ان يصدقوا ان اعداء هذه الامة يريدونها ان تتم. فالاصلاحات قوة ومن الذي يريد قوة بلد عربي كسوريا؟
– لماذا الآن والتقارب السوري العراقي يصل مستوى يقارب القمة – خاصة مع زيارة رئيس الوزراء السوري لبغداد – والتقارب السوري الفلسطيني يبشر بمرحلة جديدة فعلا؟
– لماذا الآن، والقيادات في سوريا اولا وفي لبنان ثانيا يعترفون بما يشوب العلاقة ويعملون على وضعها في افضل حال ممكن من التنسيق؟
وتنتقل الاسئلة الى صعيد اخر لترسم علاماتها امام سبب تراجع الحكومة الفرنسية عن اشتراطها على ميشال عون بعدم تعاطي السياسة او الادلاء بأي تصريح صحفي، تراجع يجعل التصريحات تصدر »عن مكتبه في باريس« كما قال الاعلام فما هو اذن الدور الذي استجاب له عون ليفك قيده؟
خاصة بعد ان تظاهرت جماعته وجماعة القوات في العاصمة الفرنسية جنبا الى جنب مع اقصى اليمين اليهودي خلال زيارة الرئىس الاسد.
ما الذي غسل الحقد والدماء اللذين يفصلان العونيين عن القوات اللبنانية، وكذلك الحال مع »الوطنيين الاحرار«؟
هل يمكن ان يكون ذلك كله نتيجة ما يكمن وراء اجتماع قادتهم الامنيين بضباط اسرائيليين في روما؟