هؤلاء العرب.. يورغن مولمان يوران باولسن كاروب بيدرسن
وقبلهم: روبرت فيسك، باتريك سيل، ميراي دوتيل، وعشرات آخرون.
اسماؤهم ليست عربية، ولا الوجه واليد واللسان، لكن.. الضمير، الضمير ليس ايضا عربيا وانما هو انساني صادق وجريء، يجسد الحقائق في اسمائها.
فالاول الالماني يتحدث عن ارهاب الدولة الاسرائيلي، بينما يستمر بعض العرب في الحديث عن الارهاب العربي.
والآخران، دانمركيان، يحددان السلوك الاسرائيلي بالتمييز العنصري.
مصطلح لا يسمع الا ليذكر بجنوب افريقيا، ليس فقط لانها البلد الذي مورس فيه التمييز العنصري باكثر وجوهه سفورا. وليس فقط لأن نضال الضحايا، تمكن بثباته، وقيادة الرجل الكبير الاسمر من الانتصار، بل ولأن موعدا مهما وخطيرا، على ارضه يقترب.
ففي الثامن والعشرين من هذا الشهر سيعقد مؤتمر دربان الدولي ضد العنصرية، وكلما اقترب تزايدت الضغوط الامريكية لمنع ادراج الصهيونية وتعويضات السود المضطهدين عنصريا، على جدول اعماله، وفي البيان الختامي.
وبينما يأتي رجلا الصليب الاحمر الدانمركي، ليتحديا ـ في فلسطين ـ الرغبة الامريكية، ويسميا السلوك الاسرائيلي بالعنصرية، يصرح الاميركيون بان احد وزراء الخارجية العرب قد ابلغهم بان بلاده لن تصر على ادراج الصهيونية كحركة عنصرية في البيان الختامي، ونسمع اصواتا اعلامية تطالبنا بالا نستمر في مقارنة الصهيونية بالنازية.. لماذا؟
اخوفا على مشاعر الصهاينة، ام خوفا من مشاعر الاميركيين؟
ان توقيت مؤتمر جنوب افريقيا يقدم للعرب فرصة ذهبية، اذ يأتي متلازما مع مجريات الانتفاضة، والسلوكيات العنصرية التي تمارسها اسرائيل خلالها، تطبيقا لبنود عقيدة عنصرية بامتياز.
وبما ان قرار مساواة الصهيونية بالعنصرية قد اتخذ في الامم المتحدة، واكده مؤتمران شبه دوليين وظل ساريا طيلة ست عشرة سنة، وبما ان الغاءه لم يكن الا احدى الثمار التي قطفتها اسرائيل وامريكا من زلزال حرب الخليج الثانية، في غفلة من العالم الضائع في انفعال الحدث والعرب المضعضعين في انفعال الاقتتال والتشرذم والهزيمة، اي ان هذا الالغاء جاء سرقة طارئة في لحظة اغفاءة في عين التاريخ، فان هذا التاريخ نفسه يعطينا اليوم فرصة نادرة، لاعادة طرح الموضوع معززا بالانتفاضة.
فلماذا يتلكأ العرب عن هذا الدور الديبلوماسي؟
فهمنا مقولة احد »كبارهم« بان الحرب »اصبحت موضة قديمة« وكأن ما يجري في فلسطين، رش بماء الورد، او كأن قصف المواقع السورية زيارة ودية خاطفة.
وفهمنا الشعار العاجز المخزي بان السلام يظل الخيار الاستراتيجي، حتى عندما يمسح به الطرف الآخر حذاءه.
وفهمنا ان ما من نظام يتجرأ على دعم فعلي للانتفاضة، لأن هؤلاء الفلسطينيين مشاغبون لا يقبلون ان يموتوا بصمت ورضى، وهم يعدون حبات السبحة ويكررون »لا حول ولا..«! ذنبهم انهم كسروا هذه المقولة!
ولكننا لا يمكن ان نفهم، لماذا يتخلف العرب عن الدور الديبلوماسي الذي تتوافر له الآن ظروف محلية ودولية، نادرا ما توافرت.
لماذا لا يحشدون قواهم الديبلوماسية والبحثية والسياسية، ليستعيدوا في ظرف النهوض الفلسطيني »واللبناني قبله«، وما يرافقه من تعاطف دولي »ولو نسبي«، ما خسروه في ظرف الانهيار العراقي ـ العربي، والعداء الدولي في بداية التسعينات؟
لقد كان التاريخ كريما، بل ان حيوية هذا الشعب هي التي كرمت، فلم يمض الا عقد واحد، بين فرصة للعدو وفرصة لنا.. فهل نضيع الاثنتين؟
في التسعين كان احد اهم العناصر الحاسمة، على الصعيد الدولي، هو منطق مكافأة اسرائيل على ضبط النفس في حرب الخليج. فكم يعطينا هذا المنطق نفسه، مع سلوك اسرائيل اليوم من حجة؟
واذا كان السؤال الملح هو: اين الاعلام العربي، من حملة مبرمجة، مكثفة، مدروسة، كان يفترض ان يخطط لها وزراؤه في اجتماعهم الاخير، وان تتصاعد كلما اقترب المؤتمر؟
فان ذلك يخفي سؤالا اكثر حدة: اين التحرك الديبلوماسي؟ ثم اين القرار السياسي؟