الاسد واللوبي

سوريا، 11-07-2001

في العام 1985 وقف ريفن امام مقبرة بيتبرغ في المانيا قائلا: »ان الجنود الالمان المدفونين هنا هم ضحايا النازية مثلهم مثل ضحايا معسكرات الاعتقال«.

وقامت قيامة اسرائيل والمؤسسات اليهودية الاميركية، على هذا التصريح الذي نعت بالهلوسة، ليس لانه يساوي بين الجلاد والضحية، كما قال بعضهم، بل لان الجوهر يكمن في كونه يضرب مبدأ الفرادة »فرادة موت اليهود« المؤسس على مبدأ فرادة وجودهم كله.

رغم ذلك، عادت مؤسسة سيمون ويزنثال، اهم مؤسسة اعلامية يهودية مختصة بالهولوكوست، لتمنحه جائزتها السنوية عام 1988.

وتلتها عام 1994 عصبة مكافحة التشهير الصهيونية لتمنحه جائزة »مشعل الحرية«.

التفسير يقدمه تصريح لاحد مسؤولي الطائفة اليهودية في فرنسا، خلال حكم ميتران جاء فيه: »نحن لا يهمنا ما يقول الرئيس بل ما يفعل«.

وما يفعل يتحدد بتصريح اخر لمسؤول اخر: »ان حكما على تصرفات اي مرشح للرئاسة او اي مسؤول، يقوم بناء على موقفه من اسرائيل لان من يخطىء في هذه لا يمكن ان يصيب في سواها«.

هكذا تفهم الهستيريا اليهودية المتطرفة ضد زيارات الرئىس السوري لاوروبا، بالامس فرنسا، واليوم المانيا.

فليس الامر مجرد عبارتين قالهما: الاولى في مؤتمر القمة والثانية في استقبال البابا، وانما هو موقف متكامل يرسم ملامح سياسة العهد الشاب في سوريا.

وليس ادل على ذلك من الدعوة التي وجهها المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا، للتظاهر ضد زيارة الاسد قبل اسبوعين، حيث جاء فيها: »انت يا من اساءتك تصريحات الاسد اللاسامية، انت يا من اساءك دعم سوريا لحزب الله، انت يا من اساءك نشر وسائل الاعلام السورية لافكار المؤرخين المراجعين..«.

التصريحات، وليست مجرد كلام عدائي، من ذلك النوع الذي يعلو زبد شتيمته دون مضمون يخيف، بل هي معول محدد الحافة يضرب في اساس دعامتين من دعامات السيطرة اليهودية العالمية:

– ضرب فكرة التناقض الفريد مع النازية، حيث يصبح كشف حقيقة التشابه والعلاقة التاريخية بين العقيدتين مدخلا الى نتيجة منطقية: اثبات العنصرية الصهيونية.

– وضرب الجهد الحثيث على تقويض الاديان عبر تهويدها، خاصة تهويد المسيحية الغربية.

لكن الاخطر من التصريحات، هو الفعل المتمثل في دعم سوريا لحزب الله، وبمعنى اخر استمرارها في خيار مقاومة اسرائيل بطريقة او بأخرى، خاصة وحزب الله هو الجهة الوحيدة التي تقدم دعما كاملا للانتفاضة الفلسطينية التي يشكل مطلب خنقها اولى اولويات المرحلة.

وتأتي اخيرا البقرة المقدسة: الهولوكوست، وطروحات المؤرخين المراجعين، حيث لا يشكل الهولوكوست فقط اساسا لعقده الذنب التي تدفع الغرب كله للتعويض المادي والمعنوي، بل ويشكل ايضا سلاحا جاهزا يستله جميع المدافعين عن اسرائيل في العالم، كلما بدت في عز طغيانها وتجبرها، وكلما انكشفت جرائمها للعالم، من مثل ما جاء في افتتاحية هآرتس بعد مجزرة قانا:

»نستطيع ان نتصرف دون عقاب لاننا نملك العصبة ضد التشهير، ياد فاشيم، ومتحف الهولوكوست«.

هذا المتحف الذي حددت اهدافه عند انشائه بحزمة الصراع العربي – الاسرائيلي.

واذا كان انكشاف الوجه الاجرامي الاسرائيلي قد تحقق مع الانتفاضة الحالية كما لم يتحقق من قبل، فان الحاجة الى الالتجاء الى سلاح الهولوكوست تبدو اكثر منها في اي وقت مضى، »وذلك ما يلحظة كل متابع للاعلام الغربي المؤيد لاسرائيل« وبالتالي فان العمل على تقويض هذا السلاح بل واستبداله بسلاح كشف التشابه العنصري بين الصهيونية والنازية يصبح خوضا مرّا في لب الصراع.

خوض، من الطبيعي ان يلقى صرخات الاحتجاج في فرنسا وفي المانيا، وفي كل مكان يتواجد فيه اللوبي، الذي يرتبط بمصلحة اسرائيل.

ولكن: اين مصالح الدول الاوروبية نفسها.

د.حياة الحويك عطية

إعلاميّة، كاتبة، باحثة، وأستاذة، بين الأردن ومختلف الدول العربية وبعض الأوروبية. خبيرة في جيوبوليتيك الإتصال الجماهيري، أستاذة جامعيّة وباحثة.

مواضيع مشابهة

تصنيفات

اقتصاد سياسي الربيع العربي السياسة العربية الأوروبية الشرق الأوسط العراق اللوبيهات المسألة الفلسطينية والصهيونية الميادين الهولوكوست ثقافة، فنون، فكر ومجتمع حوار الحضارات رحلات سوريا شؤون دولية شؤون عربية شخصيات صحيفة الخليج صحيفة الدستور صحيفة السبيل صحيفة الشروق صحيفة العرب اليوم في الإرهاب في الإعلام في رحيلهم كتب لبنان ليبيا مصر مطلبيات مقاومة التطبيع ميسلون